نظهر كالاغبياء امام هذا المشهد السياسي و الاجتماعي و الثقافي و المعيشي الزائف , وكأن بسياسيينا هم وحدهم الذين يستطيعون التفكير وهم وحدهم الذين لهم حق التخطيط و وضع البناء , وياليتهم يفعلون ذلك , الامر في جزائرنا الحبيبة لم يعد امر قيادة او من يتولى الحكم , ان المسألة هي مسالة اعادة احياء لكل ما هو ميت … السياسة , الثقافة , الاقتصاد, المجتمع , التعليم … واكثر من هذا وذاك … الدين …
اذا كنا حقا ندعي حب الجزائر و التضحية من اجل هذا البلد الغالي فانه لايغلى علينا ان نقدم القليل مما نعد به الا وهو الوعي و التفكير , عنصران اساسيان لكل عمل نهضوي ومشروع يريد ان يصل لقمة النجاح , الوعي مسألة ذات اهمية فبدونه لا يمكن للمرء ان يؤمن بالنهضة و التقدم و التفكير هو الآخر امر مهم لانه بدون تفكير فان التقدم يكون مستحيل .
اقابل الكثير من الناس في حياتي , اطفالا وشبابا وشيابا ونساءا ومسائيل ومثقفين , وفي كل مرة التقي فيها شخصا ما احاول ان امرر له فكرة التغيير و لكني اقابل دوما بنوع من الجمود و عدم الاكتراث على الرغم من ان اغلب الذين اطرح عليهم الفكرة يجدونها جديدة ورائعة , ولكن لماذا الجمود ؟
صراحة قد يكون العيب في انا بسبب قلة خبرتي في الاقناع , ولكن هناك سبب اشد خطورة الا وهو غياب المحفزات , ان غياب المحفزات التي تدعوا الفرد في المجتمع الى تغيير افكاره وتحريك طاقاته امر كارثي , يكفي الواحد منا ان يدخل الجامعة الجزائرية والجامعة هي لب التغيير و لب الفكر , ولكن للاسف ان الجامعة في الجزائر هي لب التخلف وموطن الجمود العقلي و الفكري … فاذا كانت الجامعة بهذا المستوى فماذا سيكون حال الشارع و الامي و الفلاح البسيط … انه امر صعب , ولكن هل هذا يدعونا الى التنازل عن الفكرة ؟
التقي احيانا باناس لاعلاقة لهم بالعلم ولاباسياسة و لا يابهون بكل ما جديد , ولكن اتعجب دوما حينما اناقشهم في موضوع التطور و التغيير نحو الافضل و الازدهار بالبلد … انني اتعجب لان هؤلاء الناس يدعمونني في الفكرة , هذه الفكرة التي تيقنت انهم يملكونها , نعم يملكونها كون ثقافتهم مبنية على هذا الاساس , ثقافتهم ليست هي ذاك العلم الذي يؤخذ في المدارس و لا ذاك العمل الراقي ولا تلك الثروة المكنوزة , ان ثقافتهم هي ثقافة ذلك الشعب الذي استطاع تحرير ارضه بعد 132 سنة من الجحيم على الرغم من انه لم يدخل المدرسة قط بل وعاش في الجبال و الغابات و في الكهوف حتى , نعم انها تلك الثقافة التي حتمت عليه ان يغير حياته و لا يعرف من اين يستمدها , انها روح الجزائري الحق روح الرجل المسلم الذي تسري في عروقه الرسالة .
يزيدني ذلك دوما اصرارا على مواصلة العمل وزرع الفكرة , يزيدني تفاؤل عظيما في مقدرة شعبي على النهوض رغم ما يحيط بهب من كسل وزيف و خونة واعداء … ولكن الرسالة لايمكن ان تموت , تبقى حية دائما وقد حان الوقت لتظهر بشكل صحيح .