على باب جيزي

IMG_6250.JPG

الخامسة صباحا كان موعد استيقاظي من النوم، بعد أن صَلَّيْتَ الفجر خرجت بخطى متثاقلة أجر رجلي باحثا عن سيارة تاكسي تنقلني إلى قلب مدينة مستغانم. ولأن الشوارع بدت خالية من السيارات تضاءل أمل العثور على واحدة مصطدما بتعجلي مما يدفعني للذهاب إلى أقرب سيارة كلونديستان، الحقيقة أنها كانت الوحيدة في الجهة المقابلة من الطريق، بعد أن سألت عن الأجر ركبت وطلبت من أخينا الملتحي أن نتوكل على الله.
مع الفجر، تنبعث رائحة خاصة لكل شيء، الأشجار والطرقات والتراب وحتى الانسان تتشكل كلها فتتسرب مع الأنف لتشبع الرئتين بهواء نقي صاف وتبعث علي الانتشاء.
سأصل المدينة بعد عشر دقائق، أنزل قرب وكالة شركة جيزي للاتصالات حيث سأقضي أزيد من ثلاث ساعات كاملة في طابور طويل عريض من أجل اقتناء شريحة للهاتف النقال “ملينيوم الجيل الثالث”، هذه الشريحة التي لا يباع منها سوى مائة نسخة يوميا، بالمعنى عليك أن تنهض باكرا كي تكون من ضمن المائة محظوظ، وذا صبر طويل كي تقف لك وقتا ليس بالقليل قبل أن يجيء الدور عليك.
كنت محظوظا بكوني العدد واحد وعشرون على قائمة المنتظرين. بعد أن سجلت اسمي على اللائحة التي يعدها الزبائن بأنفسهم، انسحبت إلى أقرب مقهى ووضعت رأسي على الطاولة محاولا الانتقام من النوم الذي طار من عيني هكذا لأجل شريحة هاتف.
من أجل أن تفتح الوكالة أبوابها كان علي أن انتظر الى غاية الساعة الثامنة، وإلى ساعة ونصف أخرى من أجل الحصول على شريحة، وقت قال عنه بعض الذين تطابرت معهم (وقفت معهم في طابور)، بأنه أقصر من المعتاد، إذ حسب أحدهم كان البعض ينتظر إلى غاية المساء لتلبية طلبه، بالمعنى أنه كان ينتظر عشر ساعات فأكثر. حمدت الله أني لم أكن من بعض أولئك البعض.
في طريق عودتي اشتريت جريدة الخبر، مع أول نظرة للعنوان الأول بالبنط الأحمر العريض ابتعدت بعيناي عنه، وبسرعة لففت بها علبة الشريحة الحمراء متجنبا التدقيق في بقية العناوين، منذ مدة ليست بالقصيرة لم أشار جريدة، مقاطعة صحية أتمنى أن أواصل العمل عليها بقية عمري.
بالبيت، وضعت قدمي في دلو ماء ساخن رششته بالملح، آلام شعرت بها بعد الوقوف لساعات طوال، لكنها كانت تستحق، على الأقل من أجل ذلك الفرح الباطني الذي أحسست به وأنا أتأمل علبة الشريحة بين يدي.