باي باي نوكيا

 

نوكيا
قبل أزيد من عشر سنوات من الآن حضينا بأول هاتف محمول في المنزل، كان ذلك الهاتف وقتها من الهواتف الغالية الثمن، أما اليوم فلم يعد له وجود، هاتف نوكيا 3310، وكنا نعامله كمولود جديد في العائلة يحظى بكل الرعاية والحب والحنان، وكنا نتنافس وقتها في من يحظى به أطول مدة ممكنة ليلعب لعبة “الأفعى” الشهيرة التي كانت تاتي مع جميع هواتف نوكيا. بعد ذلك الوقت بسنوات قليلة، حصلت على أول هاتف شخصي لي، وكان هو الآخر من منتوجات شكرة نوكيا، لم أعد أذكر نوعه بالضبط لكنه كان هاتفا ملونا خلافا للهواتف التي كانت بلونين اثنين فقط، وبعده بوقت قصير اشتريت هاتفا مطورا بكاميرا ومن انتاج نوكيا كذلك وهو هاتف n6300، ولا زلت امتلكه لحد اليوم.

أظن أنه لا يكاد يخلو بيت من البيوت من هواتف نوكيا، هذا قبل أن تغزو أنواع أخرى من الهواتف منازلنا كسامسونغ وسيمانس وغيرها، وعلى الرغم من أن الجو لم يكن خاليا لنوكيا كي تحتكر لوحدها السوق، إلا أن هواتفها كانت مميزة بجودتها ورخص ثمنها، وهو ربما ما جعلها تنتشر بين فئات كثيرة من متوسطي الدخل خصوصا في دول العالم الثالث.

إلا أن عملاق صناعة الهواتف الفنلندي على الرغم من سيطرته قبل 2007 على حوالي 43 بالمائة من سوق الهواتف النقالة في العالم إلا أنه  تعرض لنكبات مؤخرا، خصوصا بعد صعود نجم شركة آيبل وهواتفها الذكية، وعلى الرغم من أن نوكيا حاولت هي الأخرى مسارعة الركب ودخول هذا المجال إلا أنها لم تحسب حساباتها جيدا ما جعلها تفقد سوقها. ويأتي قرار الشركة ببيع القسم الخاص بهواتفها لشركة البرامج الامريكية مايكروسوفت كقرار يعزز عدم قدرة نوكيا على مواجهة منافسيها في السوق.
هذا القرار قد ينسينا مستقبلا في نوكيا، لكن مع ذلك تبقى هذه الشركة وهواتفها المميزة تحتل جزءا مهما من ذكرياتنا عن أولى بوادر التكنولوجيا اتي اجتاحت المنطقة.

تلفزيون الصناعات التقليدية !

في الوقت الذي تعرض فيه التلفزيونات التي تحترم عقول مشاهديها ( تحترمهم بالطريقة التي تراهم فيها بشرا مجبولون على التطور لا على التأخر)  تقارير عن التكنولوجيات الحديثة و المتطورة و تدعو إلى الاستثمار فيها من أجل تسهيل الحياة، يقوم التلفزيون الجزائري بعرض تقارير عن الصناعات التقليدية و الحِرف التي كانت تحترفها جدتي قبل 50 سنة من الآن في كل نشراته الإخبارية و كأننا بتلك الحرف و الصناعات “التقليدية” سنتطور و سنبلغ المجد!، لا بل و سنقيم الأعمال و نطور الإقتصاد و نوجد مناصب شغل.. حتى أن تلك الأشغال (و ليس الموضوع موضوع تهجمي عليها) لا تكاد تغري سائحا واحدا بشرائها أو حتى بالتقاط صورة معها (هذا إذا كان لدينا سياح أصلا !) و هو الشيء الوحيد الذي ربما قد تصلح له..

عندما فاز فريق جزائري العام الماضي بالمرتبة الثالثة في كأس الإبداع العالمية التي تنظمها شركة مايكروسوفت و ما أدراك ما مايكروسوفت  و قد كان الفريق الوحيد من الشرق الأوسط و شمال إفريقيا الذي وصل إلى تلك المرتبة المتقدمة،  لم نرى له ظهورا لا على نشرة الأخبار و لا على نشرة الدّوار، على الرغم من أن إنجاز ذلك الفريق الشاب يعتبر مكسبا كبيرا للوطن الذي رُفع علمه و نُطق اسمه في احدى أكبر المحافل الدولية للإبداع العالمي و التي ربما غالبية الذين يحضرونها لا يعروفون أصلا أين تقع هذه “الجزائر” !. . بينما في الجهة الأخرى في غرفة في قرية ما (مع احترامي الكامل و ليس الموضوع بشخصي) يمتهن فيها شاب حرفة تقليدية يصل إلى مسامعنا صوت مذيعة الأخبار التي تشيد بالقول بأن ذلك الشاب مثال الشاب الجزائري الذي يحافظ على أصالته و تراث أجداده و يمنح له تقرير خاص يعقبه تصريح من وزير السياحة يقول فيه أن الدولة (مع تريث واضح كي ترتكز الكلمة في ذهن المشاهد) تقوم بدعم هذه الجهود الرامية الى حفظ تراثنا و ذاكرتنا و العمل على دعم الشباب من أجل الإستثمار فيها.

أنا مللت و أنتم؟