موضوع عن موضوع تورط الفرنسيين في اعتداء إن أميناس

قبل أن تقرأ التدوينة يرجى قراءة هذا الموضوع لتفهم ما أتحدث عنه

ليس من عادتي أن ألقي بالا لما ينشر في الصحافة الجزائرية، لكني قرأت اليوم على إحدى الصحف تحقيقا بدا من عنوانه العريض أنه تحقيق بالمعنى الحقيقي للكلمة، و لكن تبين لي فيما بعد قراءته أنني تمنيت لو مر الوقت هكذا من دون أن أشعر بذلك الشعور الغريب الذي يحيلني على تذكر أنني في دولة من دول العالم السابع و العشرين.
التحقيق الذي ظهرعلى الصفحة الأولى لجريدة “جريدتي” يوم الأربعاء جاء تحت عنوان الاستخبارات الفرنسية متورطة في الهجوم على عين أمناس. حين قراءة العنوان يتضح أننا بصدد الإطلاع على محتوى موضوع سيكشف لنا ما افترضه أغبى أغبياء مرتادي أحد المقاهي الشعبية في أحد الأحياء القذرة في منطقة ما من الجزائر. ولكن بعد قراءة الموضوع ستتمنى حقا لو أن بيدك مسدس!!.

يقول صديقنا الصحفي في بداية موضوعه أن المخابرات الفرنسية متورطة تخطيطا و إعدادا و تنفيذا في الإعتداء الإرهابي على عين اميناس، حسنا، إذا افترضنا ان المخابرات الفرنسية خططت و أعدت للهجوم فهل هي من قامت بالتنفيذ كذلك؟؟ يعني ما يسمى بكتيبة الملثمون تبخرت!!؟؟. هل تابع كاتب المقال تصريحات الوزير الأول، هل كان مستيقظا طوال تلك المدة التي سخن فيها الحديث عن الإعتداء الإرهابي؟؟…

ثم يواصل تحليله للعملية بالقول..

كي نفهم الخطة الفرنسية لاحتلال شمال مالي تحت ذريعة طلب سلطات باماكو هناك طرد الإرهابيين، يجب أولا فهم الإطار العام، لتلك الخطة. فهي تراعي مسرح الحرب وحدودها، أي دول الجوار خاصة أنها منطقة صحراوية شاسعة لا يمكن مراقبتها تحت كل الظروف. فهذا هو جوهر العمل الاستخباراتي وهو ما قامت به فرنسا قبل 6 أشهر على الأقل.

 

حسبه أنه كي نفهم الخطة الفرنسية علينا أن نفهم أن منطقة الساحل هي منطقة صحراوية لا يمكن مراقبتها و ذلك هو جوهر العمل الاستخباراتي. و سؤالي هو ما علاقة عدم القدرة على مراقبة منطقة ما بالعمل الاستخباراتي؟، و كيف يكون هذا جوهره إذا افترضنا أن الاستخبارات إنما تنشط في أشد المناطق حركية في العالمدن الكبرى.. في نيويورك، في باريس في واشنطن في مسوكو و غيرها. ثم اخبرنا كاتب المقال على ان الاستخبارات الفرنسية خططت للعملية قبل ستة اشهر على الاقل و لا اعرف حقا من اين له بهذه المعلومة؟.

ثم ينطلق في تحليله من فرضيتين، هذا ما يقوله في السطر الحادي عشر. بعدما فهمنا من العنوان أن الأمر متعلق بمعلومات  قد تكون وصلت الجريدة أصبح الأمر كله يتعلق بفرضيات!!. سنقوم بتجاوز الفرضية الأولى لنحلل مع الكاتب الفرضية الثانية و التي يقول فيها:

إن مهاجمة قواعد الجماعات المسلحة في شمال مالي سيجبرها على الفرار…والاتجاه نحو الأراضي الصحراوية في الجزائر، حيث توجد مواقع البترول والغاز… وهذا يتطلب بدوره مبررا يسمح بملاحقة هؤلاء المتسللين تحت اسم الحق في متابعة مطلوبين، مما يؤدي عمليا بالجيش الفرنسي إلى الدخول في أراضي الغير، أي الجزائر تحديدا. فكيف يمكن تنفيذ ذلك إذا كانت فرنسا في غنى عن المجال الجوي الجزائري في الأصل، وكانت تطلب أكثر من هذا؟.

 

وإن افترضنا مع افتراضه أن الإرهابيين قد يتسللون إلى الجزائر بعد مطاردة الفرنسيين لهم، و هذا مستبعد في الغالب، إلا أن كاتب المقال نسي أن يشير إلى أن الجزائر أغلقت حدودها مع مالي عسكريا. ثم أن مصطلح الحق في متابعة مطلوبين مستخدم في غير محله، كيف يكون هناك متابعة لمطلوبين على أرض الجزائر من قبل فرنسا، إذا علمنا أن الارهابيين في غالبيتهم جزائريين!!. ربما لم يقرأ كاتب المقال التاريخ جيد ليعرف عن أي دولتين يتحدث.

يقول الكاتب في فقرة أخرى

وجود فرنسي مشبوه
بالعودة إلى المنطقة البترولية بعين أمناس ندرك أن فرنسا لا تملك مصالح فيها، فالشركات الثلاث العاملة هناك إما إنجليزية أو نرويجية أو جزائرية ممثلة في سوناطراك، وبالطبع فإن العمال كما هو معروف في ميدان البترول عادة ما ينتمون إلى عدة جنسيات. والذي حدث على الأرض في إطار الخطة الاستخباراتية الفرنسية أنها قامت بزرع أحد رجالها بالقاعدة البترولية ويدعى “يان دي جو” صاحب مطعم في “أنجلي” بمنطقة “البيريني” بفرنسا، وهو رجل سابق من القوات الخاصة. المهمة في ظاهرها التي بدأت قبل شهرين من الهجوم الإرهابي على القاعدة البترولية بعين أمناس، تتمثل في ضمان إطعام العمال، أما في عمقها فهي تعمل على توفير المناخ الملائم للهجوم على القاعدة بحكم معرفته الطويلة بالمنطقة الصحراوية، خاصة أن المعلومات المؤكدة تثبت بأن الإرهابيين الذين قادهم جزائري يتشكلون من جنسيات أجنبية، ويوجد من بينهم إرهابي فرنسي حسب ما تؤكده الصحافة الفرنسية يعد من القتلى مثلما يعد الرأس المدبر للعملية وهو “يان دي جو”.
الإعتقاد الذي بنى عليه الكاتب فرضيته وهو أن فرنسا لا تملك عمال لديها في المنطقة لذلك قامت بعملية زرع إرهابيين هناك اعتقاد غبي في رأي و لا يخضع لأي منطق!. ثم من أوحى لصاحب المقال بأن الفرنسي المدعو يان ديجو خطط للإعتداء الإرهابي؟؟!!.  و هل يعقل أنه لو كان يان ديجو الرأس المدبر للعملية يُقضى عليه، من هذا الغبي الذي يدبر لعملية يقتل فيها نفسه!!؟؟.

و ما يذهب إلى الاعتقاد بأن الرجل السابق للمخابرات الفرنسية كان أداة ربط مع الإرهابيين، أنه حظي بتكريم خاص جدا لم ينله أي فرنسي آخر بعد مقتله في هجوم الجيش الجزائري، فالأعلام نُكست على مستوى بلدته وتم تقديم التعازي لعائلته من كبار المسؤولين الفرنسيين، فكيف يأتي التكريم إذا لم يكن الرجل قد قدّم خدمة كبرى للمصالح الفرنسية؟

هل يعقل هذا حقا، الربط بين تكريم أحد ضحايا الإعتداء بتنفيذ الإعتداء. ربما غفل الكاتب عن أن الاجانب يعتبرون في بلدانهم بشر لذلك فهم يكرمون.

ينهي الكاتب مقاله هذا بالعبارة التالية

لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك…

انطلق الكاتب من فرضية أوصلته إلى حقيقة مطلقة عبر عنها بإثبات لا يخضع أبدا للشك…!!.

في الأخير أتمنى أن تصبحوا على ارتياح، لأنه كان علي كتابة هذا الموضوع لارتاح من الاستفزاز الذي سببته لي الصحيفة.