الشعب المغاربي المذلول

إن استوقفك العنوان فارجوا منك أن تعيد قراءته وتسأل نفسك التالي: ما هي آخر مرة انتخبت فيها عن قناعة تامة؟ ما هي آخر مرة وقفت أمام رجل امن من دون الإحساس بأنك تريد أن تتبول على نفسك؟ما هي آخر مرة أنصفك فيها القانون ؟. سأجيب نيابة عنك: ولا مرة.

في المغرب العربي حالنا كحال قطيع من النعاج يقوده رعاع جهلة متخلفون بوهيميون يسلطون علينا كلاب الحراسة التي بدل أن تحرس القطيع تنهش أنيابها فيه. بن علي يفوز في تونس بعهدة خامسة, قبل أيام ولي سيف الإسلام القذافي منصبا يعادل منصب رئيس الجماهيرية الليبية, قبلها صحيفة تغلق في المغرب بسبب كاريكاتير اعتبر إساءة للعائلة الملكية !!! وقبلها الجزائر تصنف تركة ضمن أملاك كبار الموظفين و العسكريين وأولهم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة. التخاذل الشعبي تجاه القضايا المصيرية في المغرب العربي و بالأخص السياسية منها جعل هذه البلاد مرتعا للسياسيين الفاسدين و الطامعين في ثروات البلاد المستعدين للمساومة على نسائهم من اجل المصلحة فما بالك بالوطن؟. هل هناك أذل منا؟ ليبيا تقبع تحت حكم فاشي منذ الأزل تحت رحمة ملك ملوك إفريقيا!!! الذي يذل جماهيرية بأكملها وشعب بأكمله وحماقته تنطق من كل مكان بأفكاره الساذجة الغريبة. تونس منذ استقلالها لم تعرف سوى اسمين , الحبيب بورقيبة و زين العابدين بن علي و كل منهما أسوا من الآخر, الجزائر بجنرالاتها يفسدون في الأرض من دون أي محاسبة و يفتح المجال لدكتاتوريين آخرين بالقبوع فوق رأس الشعب تكملة لنهش جسد البلد … لا حديث عن المغرب الذي مازال حكمه نسخة عن حكم من العصور المظلمة, ولا حديث عن موريتانيا الغائبة التي كأنها ليست جزءا من الوطن العربي ككل. شعب لم يحكم نفسه, قهر وذل وخيانة وأخ أسوا من عدو و زواج متعة من الغرب على سنة ديغول وموسوليني. الأحرى بهذا البلد أن يسمى المغرب الأوروبي .

اين المغرب الكبير من المشرق؟

أثار أحد تصاميم المدون عصام حمود ضجة ربما وسط البعض خصوصا  لدى إخواننا في المشرق , أما نحن المغاربة فتجاوبنا مع التصميم وفهمنا مليح مليح واش حاب عصام يقول وواش راه يحس , في المغرب العربي يقولون لنا دوما أننا ننتمي إلى الحلم العربي الكبير والى الأمة الإسلامية العظيمة بتاريخها الذي كان مزدهرا في ما مضى , بينما تقول حكومتنا العزيزة و مؤسساتها بأننا ننتمي إلى فرنسا التي تعتبر الأم الحنون لتاريخنا, أما نحن واقصد الذين ولدوا ولم يفهموا بعد لأي معسكر ينتمون فإننا نتخبط خبط عشواء في الحياة نحاول بكل جهد أن نصنع لأنفسنا مكانا ولكن للأسف دون جدوى , يقولون أننا ننتمي لحضارة العرب المزدهرة تلك التي كان من عظمائها الخوارزمي وابن النفيس وابن سينا و ابن الهيثم و المتنبي و ابن حيان و صلاح الدين الأيوبي و هارون الرشيد فنفتخر بكل ذلك , لكن ليس هناك أي من هؤلاء زار المغرب أو أبدع فيها أو احتضنه مسجد في المغرب أو مدرسة أو بيت !!! , هل ننتمي لحضارة فولتير ؟ . قال بعض المؤرخين أن المغرب لم يكن إلا مجرد طريق لقوافل الصحراء أو لأقدام العابرين إلى الأندلس , لا يخبرني احد أن لنا حضارة عظيمة أو أننا كنا كذا وكذا , إذا كان علماء الآثار يفتخرون بان الحضارة الرومانية مرت من هنا والبيزنطية و الويندالية , فإننا لا نفتخر بذلك اطلاقا .

منذ آلاف السنين ونحن نتخبط في التاريخ ولم تقم لنا قائمة على الرغم من أننا الرجال الأحرار والتاريخ يشهد على ذلك ولكن للأسف !!! نتخبط في التاريخ وفي الأفكار , البعض يريد تصنيفنا في خانة الحلم العربي الكبير ويبذل لذلك الكثير بدعوى أننا مسلمون ولا اعرف هل الإسلام هو الذي يصنفنا في خانة العروبة أم العكس , والبعض الآخر يصنفنا في خانة الفرنكوفونيين أولئك الذي يقلدون الحضارة ….

إلى حد كتابة هذه الكلمات أتمنى فقط لو يتركوننا وشاننا , لسنا عروبيون بالقدر الذي يسمح لنا أن نبني الحلم العربي الكبير و الوحدة العربية الكبيرة على الرغم من أننا مسلمون وهذا ما يشكل عمق شخصيتنا المغاربية , ولا نريد أن يصنفنا الذين خانتهم ثقتهم بأنفسهم و الذين أعمتهم الحضارة الغربية أن يصنفونا في خانة أمهم فرنسا وكأننا مرتزقة ….

قرفت من دروس التاريخ التي تريد أن تفهمنا جاهدة على أننا أضفنا شيئا لحضارة العالم , نحن في التاريخ لم نفعل أي شيء والسبب هو أننا نكذب على أنفسنا دوما , لم نشارك في صناعة الحضارة الإسلامية كي يأتي شخص ويخبرني انه كانت لنا حضارة في ما مضى , كانت للإسلام حضارة نعم , لكن للأسف لم نشارك في صناعتها إلا بالشيء اليسير .

هل نقول أن التاريخ لم ينصفنا أم أن المشرق لم يفعل ؟ الحقيقة أننا نحن الذين على مر الزمان كنا مجرد تماثيل… و أنا لا اقصد بذلك التقليل من شان المغرب أنا حقا لا افعل, فهناك من المغرب الكبير نماذج كبيرة من شخصيات تركت الأثر ولكنها للاسف لم تكن بالكافية لكي تصنع حضارة ….

الحضارة في المغرب صنعها الرومان وفقط… ونحن نسير في ركب الماضي ونسير ونسير …

التطرف الاسلامي في بلاد المغرب.

اصبح التطرف الاسلامي  ظاهرة ذات ابعاد خطيرة في بلاد المغرب العربي , ينتج عن هذا التطرف شباب تسوقهم بعض الافكار ليرتدوا عن المجتمع ويصبحوا من اخطر اعداءه . ولعل هذه الظاهرة ما ينبغي الوقوف عندها لدراستاه وتحليلها ومعرفة القاصد من وراء اعتناق البعض  افكار تؤدي بهم الى احضان اناس ذو ايديولوجيات سياسية خطيرة تصب في مصلحة اطراف كبرى جل ما يبتغي هؤلاء هو استغلال اولئك الناس و الذين اغلبهم من الشباب في لعب اوراق رابحة بشحنهم بافكار جد متطرفة تؤدي بهم في الاخير الى قرار واحد لا خيار معه وهو القتل ولا شيئ سوى القتل.

لعل من اهم ما يميز التطرف في بلاد المغرب العربي هو خروجه عن قاعدة الشواذ فبالامكان مشاهدة التطرف في المسجد وفي الجامعة و الشارع من دون اي حاجز يمنعك من ذلك او اي محاولة لحجبه خوفا من لومة لائم , فما عاد الشارع  يجد طريقة لمنع هؤلاء من نفث سمومهم فيه مع عجز السلطات على وأده او محاولة على الاقل الحد من انتشاره.

فما السبب الجلي لوجود مثل هكذا ظاهرة في مجتمع شهد في سنواته الاخيرة نموا متزايدا للمتطرفين وهو الذي كان خاليا منهم قبل فترة لا تتجاوز 40 سنة؟ .

لربما ان الاسباب التي قد تدفع بالبعض الى التطرف تاتي من وحي المجتمع و الحالة السياسية للبلد والتي تكوّن مع مرور الايام فكرا خاصا عنه اضافة الى الحالة الاجتماعية و الاقتصادية  و التي تبلور تلك الافكار في طابع انتقامي يجد بعد ذلك المتطرف في توجهات الاسلاميين المتطرفين حلا لتفريغ تلك الشحنة السلبية من الافكار و التناقضات . هذا ولا يترك اي مجال للشك بان الدولة تكون هي المتسبب الاول في الحفاظ على هذه الظاهرة بل و تسريع نموها ليس فحسب انها لاتقف ضدها  الند للند وتسعى جاهدة للحد من انتشارها وانما كذلك لان الدولة تخلق فرصا ثمينة للافكار المتطرفة للنمو من حيث انها تمارس التهميش بكل ما للكلمة من معنى ضد المجتمع  .

في السنوات القليلة الماضية وبعد انتهاء الازمة الجزائرية وجد التطرف نفسه محاصرا من خلال اعلان المصالحة في الجزائر و التي استجاب لها اغلب الارهابيين المنظوين تحت لواء الجماعة السلفية للدعوة والقتال , ولكن التنظيم وكرد فعل على تقهقره اعلن انظمامه للتنظيم العالمي المعروف بالقاعدة وغير اسمه الى القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي عام 2007 وقد رحب الرجل الثاني في تنظيم القاعدة ايمن الظواهري بالامر مشيرا الى ان الناس قد ملوا من النكد المسلط عليهم من طرف السلطة الجزائرية, هذا وقد توسع التنظيم ليشمل جميع بلدان المغرب العربي الكبير بما فيها تونس و المغرب او اوهم البعض اعلاميا بانه فعل ذلك من خلال عمليات محسوبة جرت في عدة مناطق متفرقة من المنطقة , و يشير بعض المحللين ان التنظيم ليس بمقدوره ابدا ان يتوسع توسعا شاملا في منطقة تمتد من غرب مصر حتى المحيط الاطلسي وهو الذي قارب الموت في الجزائر لذلك لجأ الى الاستعانة بتنظيم له هيبة اعلامية وهو القاعدة.

على كل فان التطرف يشهد نموا متسارعا بعيدا عن حسابات السلطة او قل بعيدا عن خططها التي لا تحقق شيئا على ارض الواقع , فهل سنشهد حربا  عن قريب شبيهة بتلك التي يشهدها وادي سوات ؟ .