اقتباسات من كتاب الثورة 2.0

الثورة 2.0

أنقل هنا بعض الإقتباسات من كتاب الثورة 2.0  للناشط المصري وائل غنيم، وجدت بعد قرائتي لجزء من هذا الكتاب أن هناك حالة تشابه بين ما كانت تعيشه مصر في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك و بين ما نعيشه نحن اليوم في الجزائر. أوجه التشابه تكمن في الأساليب التي كان يستعملها النظام المصري في سيطرته على الواقع السياسي و الإجتماعي و التي هي نفسها المستعلمة من طرف النظام الجزائري، الإعلام، التعليم المتردي، تعفين الجو السياسي، تزوير الإنتخابات و غيرها الكثير.. و كذلك التفكير الشعبي و الأسئلة التي تطرح نفسها في ظل واقع متردي و انتشار الفساد.

جيلنا كان دائما ما يصطدم بالسؤال التقليدي من الشارع: ( لو ما انتخباش حسني مبارك، هننتخب مين؟ ما فيش بديل) بل حتى في الشارع بدأنا نسمع حملات لجس النبض لانتخاب جمال مبارك رئيسا لمصر بدعوى أنه تربى في بيت سياسي و يعرف خفايا إدارة الدولة، و بأنه بالتعبير المصري الدارج: (شبعان ومش محتاج يسرق).

إن وصف الأحزاب المصرية المعارضة بالضعف سيكون مبالغة، فالأحزاب لاوجود لها على أرض الواقع، و أغلبها كرتونية يستخدمها النظام لتحسين صورته. كنت دائما ما أقول تندرا إن أعضاء و مؤيدي هذه الأحزاب الكرتونية لو اجتمعوا على قلب حزب واحد لن يستطيعوا أن يملؤوا استاد القاهرة الذي لا يتسع لأكثر من ثمانيين ألف متفرج.

بعد التعديلات الدستورية بدأت الانتخابات الرئاسية الصورية، كان الأمر أشبه بالمسرحية المسلية; فهذا مرشح يعد برجوع “الطربوش الى مصر” و آخر في حملته الإنتخابية وعد بانتخاب مبارك لأنه الأجدر.

كنا كلنا نعرف أها تمثيلية و لكن السؤال كان، إلى متى سنتحملها؟.

كان النظام التعليمي الفاسد يشجع على الغش في الامتحانات. فالطلبة يعتبرون أن  المدرس الذي يراقب عليهم في الامتحان و لا يسهل الغش مدرس (متعب)، و الذي يفعل هذا الجرم يسمى مدرسا (طيبا)! لم يكن مفاجئا أن الغش و التحايل أصبحا من سمات كثير من المصريين، فانتشرت هذه الظاهرة في المدرسة و الجامعة و في الأعمال التجارية و الصناعية..  و بالتالي في العمل السياسي.

(أنا ماليش في السياسة) كان هذا موقفي و موقف غالبية المصريين من النشاط السياسي، مخزون متوارث من الخوف من مصير مجهول لكل من يجرؤ أن يدخل هذا العالم بدون أن يكون عضوا في حزب الأغلبية، الحزب الوطني الديموقراطي. تفادى أغلبنا الخوض في العمل السياسي و أقنعنا أنفسنا أنه ليس بيدنا شيء نستطيعه لتغيير الوضع الحالي.

الحقيقة أن كل مصري تدخل السياسة حياته بشكل دوري، بل و يعبر عن رأيه فيها يوميا و لكن بصيغة المبني للمجهول، فالمصريون دائمو التبرم من التعليم، و الصحة، و الظروف الإقتصادية، و البطالة، و قسوة الشرطة، و الرشوة، و الفساد، و القليل منهم من يتحدث بشفافية عن المسئول عن هذا الأمر، و الكثير يفضل أن يحتفظ بأفكاره عن المسئول لنفسه و يكتفي بالدعاء عليه!.

طبيعة تولي   الحاكم الاجباري الذي كانت تحكم به مصر كانت تخول للرئيس معظم الصلاحيات، إلا أنه ليحتفظ بماء وجهه أمام العالم يجب أن يكون هناك برلمان يسن القوانين و يحاسب الحكومة، و بالطبع هذا البرلمان يجب أن يكون تحت سيطرة النظام. و الطريقة الوحيدة التي تضمن ولاء البرلمان هي “دولة سلسة المصالح”. فبعقد غير مكتوب أصبح معلوما أن العضو الذي ينتمي للحزب الحاكم “الحزب الوطني” ستفتح له أبواب الجنة (أراض،قروض، حصانة، امتيازات) و أهم شيء أنه سينضم لقائمة الكبار.

رويدا رويدا تسببت هذه الامتيازات في انتهاء دولة القانون، فبقدر ارتباطك بهذه السلسلة كان قدر تطبيق القانون عليك. مفهوم العدالة ظل مشوها لفترة طويلة للدرجة التي تغير فيها تماما، تحولت المصلحة الشخصية بدل المصلحة العامة، من فكر فردي إلى فكر جماعي. كانت معظم موارد الدولة تستنفذ في غير محلها بسبب الرشوة و المحسوبية و الفساد. تحطمت الشخصية المصرية، و فقدت أهم ميزة لدى الإنسان و هي “إيمانه بنفسه”، و انتشرت كلمة “مفيش فايدة” بين الناس و بخاصة الشباب.

الثورة 2.0، وائل غنيم.

عن محاكمة مبارك وشلته

المحاكمة الدرامية لرأس النظام المصري السابق حسني مبارك ستسجل كإحدى مبكيات المصريين الغلابى الذين قاموا بثورتهم ضد الظلم و الاستبداد و الديكتاتورية. زيادة على ما أبكاهم مما لحقهم من هذا النظام طوال ثلاثين عاما بقي فيها حسني مبارك و نظامه الفاشي على رءوس المصريين.

وان كنت من غير المحبذين أن يحكم على مبارك أو حبيب العدلي أو غيرهما من رؤوس الفساد بالإعدام إلا أنني لم أكن أتوقع أن تصير المحاكمة إلى ما صارت إليه. حيث لم تجرم المحكمة إلا قلة من الأفراد الذين كانوا مسئولين عن قتلى ثورة 25 يناير. ولو حوكم هؤلاء شعبيا لجر المئات منهم إلى السجون فلا يعقل أن تتحرك كل أجهزة الدولة بكاملها، وزارة الداخلية و الرئاسة و الحكومة و حتى الصحافة ضد الثورة و في الأخير يطلع الكل (زي الشعرة من العجين) وكأنه لا شيء حصل، لا فيه قتلى ثورة و لا حادثة الجمل و لا هم يحزنون.

ثم لا يعقل بتاتا أن لا يكون لمساعدي وزير الداخلية أي دور يذكر في محاولة فض المظاهرات بالقوة و العنف، ولو عن طريق المشي في طريق المسؤولية التي يتحملها رؤساءهم. ويتحملونها هم بمقتضى مساعدتهم لهم.

لكن الأمر واقعيا يجوز، فحتى مبارك وحبيب العدلي و القلة الذين اقتيد والى السجون ما هم إلا جزء صغير من تركيبة النظام المصري الذي لم يسقط بعد. و القضاء نفسه ما هو الا جزء من تلك التركيبة و المؤسسة العسكرية و أقطاب الاقتصاد المصري و غيرهم. فلأولى إذن أن تستمر ثورة المصريين ضد الذهنيات الدكتاتورية التي لازالت الكثير منها تسير كبرى الإدارات و الأجهزة في الدولة المصرية و التي لازالت لها اليد الطولى في حياة الغلابى من أبناء مصر. تستمر الثورة بحيث تبني جدارا ما بين الحق و الباطل و الحق بين  و الباطل بين وما بينهما مشتبهات، تستمر بحيث يختار المصريون رئيسهم القادم بناءا على الصدق الذي نزل به الآلاف إلى ميدان التحرير ليضحوا بأنفسهم في سبيل الحرية.