اعلامنا الانهزامي

تعاني مجتمعاتنا العربية من انحراف فكري اصابها منذ القدم , وعلى الرغم من الصيحات المتعالية من هنا وهناك املا في انقاذ الوضع و السير بالسفينة الى شاطئ الامان الا ان الامر يبقى كما هو , لا بل يسير نحو الاسوا . وما يزيد الطين بلة هو الدور السلبي الذي تلعبه وسائل الاعلام بمختلف اشكالها في بناء هذا المسار الرجعي المتخلف الذي يلغي كل محاولة جادة للبناء ويقضي على الاحلام و الطموحات ويزرع بذور الشلل و الانحدار , وكانه ينقصنا ما بنا حتى نبتلى بما هو اسوا مما نعانيه.

في اطلاعي اليومي على الجرائد و القنوات التلفزيونية اصاب بالدوار من المادة الفكرية التي تنقلها هذه الوسائل و بالخصوص الجرائد منها , فلا حديث الا عن مشاكلنا اليومية البسيطة التي تئدنا و التي نهرب منها الى القراءة حتى نجدها مجسدة امامنا في ثوب مقال يغرقنا بالياس و الدمار الى اشياء لا تستحق ان يتطرق اليها شخص من الواجب ان يحمل على عاتقه مهمة السير بالمجتمع الى التفكير العقلاني و التطور الاخلاقي و كل ما يتسم به من يريد ان يبني حضارة.

اما كفانا قرفا مما نعاني منه حتى ترتكب جرائم في حق تفكيرنا ؟ الا يعاني تفكيرنا الشح حتى يبتلى بانهزامية المهزومين  الذين ينشرون الهزائم و التوجسات التي تنم عن جهلهم و عن  سوء تفكيرهم ؟ وكاننا في حالة نعاس شديد وهم يزمرون على اذاننا كي ننام . الا يستطيع اولئك القوم ان يفكروا بعقل رشيد ولو للحظة , ويغيروا تلك السياسة التي يتبعونها في تيئيس الجماهير التي يدفعون بها الى الهموم و الشكوى و التعصب و الكسل , ايعقل ان يوجد هناك من بيده الامر لصنع التغيير الحقيقي بيد انه يوجه قوته تلك الى دفن الشعوب  ووأدها ؟

مللنا من سياسة التيئيس و الملل و الرووتين و المشاكل وسوء التسير و ظلم الانظمة العربية و السرقة و الاختلاس و الرشوة وكل ما من شانه ان يضعف حماس يربطنا بوطنا العربي الواسع الذي من المفروض ان نعمل من اجله .

اتعجب حقا من سياسة كهذه , فقد صار دور الاجهزة الاعلامية كدور الطابور الخامس الذي ينهش العقل بالافتراءات و الاكاذيب التي تودي به الى الهلاك . على الاعلام حقا ان يراجع دوره في المجتمع و ان يحسب نفسه عليه بان يقوده قيادة عقلانية ليس فيها من الانحراف شيئا … نكاد بالتالي نتوقع ان يتغير الامر الى الاحسن.