تلفزيون الصناعات التقليدية !

في الوقت الذي تعرض فيه التلفزيونات التي تحترم عقول مشاهديها ( تحترمهم بالطريقة التي تراهم فيها بشرا مجبولون على التطور لا على التأخر)  تقارير عن التكنولوجيات الحديثة و المتطورة و تدعو إلى الاستثمار فيها من أجل تسهيل الحياة، يقوم التلفزيون الجزائري بعرض تقارير عن الصناعات التقليدية و الحِرف التي كانت تحترفها جدتي قبل 50 سنة من الآن في كل نشراته الإخبارية و كأننا بتلك الحرف و الصناعات “التقليدية” سنتطور و سنبلغ المجد!، لا بل و سنقيم الأعمال و نطور الإقتصاد و نوجد مناصب شغل.. حتى أن تلك الأشغال (و ليس الموضوع موضوع تهجمي عليها) لا تكاد تغري سائحا واحدا بشرائها أو حتى بالتقاط صورة معها (هذا إذا كان لدينا سياح أصلا !) و هو الشيء الوحيد الذي ربما قد تصلح له..

عندما فاز فريق جزائري العام الماضي بالمرتبة الثالثة في كأس الإبداع العالمية التي تنظمها شركة مايكروسوفت و ما أدراك ما مايكروسوفت  و قد كان الفريق الوحيد من الشرق الأوسط و شمال إفريقيا الذي وصل إلى تلك المرتبة المتقدمة،  لم نرى له ظهورا لا على نشرة الأخبار و لا على نشرة الدّوار، على الرغم من أن إنجاز ذلك الفريق الشاب يعتبر مكسبا كبيرا للوطن الذي رُفع علمه و نُطق اسمه في احدى أكبر المحافل الدولية للإبداع العالمي و التي ربما غالبية الذين يحضرونها لا يعروفون أصلا أين تقع هذه “الجزائر” !. . بينما في الجهة الأخرى في غرفة في قرية ما (مع احترامي الكامل و ليس الموضوع بشخصي) يمتهن فيها شاب حرفة تقليدية يصل إلى مسامعنا صوت مذيعة الأخبار التي تشيد بالقول بأن ذلك الشاب مثال الشاب الجزائري الذي يحافظ على أصالته و تراث أجداده و يمنح له تقرير خاص يعقبه تصريح من وزير السياحة يقول فيه أن الدولة (مع تريث واضح كي ترتكز الكلمة في ذهن المشاهد) تقوم بدعم هذه الجهود الرامية الى حفظ تراثنا و ذاكرتنا و العمل على دعم الشباب من أجل الإستثمار فيها.

أنا مللت و أنتم؟

موضوع عن موضوع تورط الفرنسيين في اعتداء إن أميناس

قبل أن تقرأ التدوينة يرجى قراءة هذا الموضوع لتفهم ما أتحدث عنه

ليس من عادتي أن ألقي بالا لما ينشر في الصحافة الجزائرية، لكني قرأت اليوم على إحدى الصحف تحقيقا بدا من عنوانه العريض أنه تحقيق بالمعنى الحقيقي للكلمة، و لكن تبين لي فيما بعد قراءته أنني تمنيت لو مر الوقت هكذا من دون أن أشعر بذلك الشعور الغريب الذي يحيلني على تذكر أنني في دولة من دول العالم السابع و العشرين.
التحقيق الذي ظهرعلى الصفحة الأولى لجريدة “جريدتي” يوم الأربعاء جاء تحت عنوان الاستخبارات الفرنسية متورطة في الهجوم على عين أمناس. حين قراءة العنوان يتضح أننا بصدد الإطلاع على محتوى موضوع سيكشف لنا ما افترضه أغبى أغبياء مرتادي أحد المقاهي الشعبية في أحد الأحياء القذرة في منطقة ما من الجزائر. ولكن بعد قراءة الموضوع ستتمنى حقا لو أن بيدك مسدس!!.

يقول صديقنا الصحفي في بداية موضوعه أن المخابرات الفرنسية متورطة تخطيطا و إعدادا و تنفيذا في الإعتداء الإرهابي على عين اميناس، حسنا، إذا افترضنا ان المخابرات الفرنسية خططت و أعدت للهجوم فهل هي من قامت بالتنفيذ كذلك؟؟ يعني ما يسمى بكتيبة الملثمون تبخرت!!؟؟. هل تابع كاتب المقال تصريحات الوزير الأول، هل كان مستيقظا طوال تلك المدة التي سخن فيها الحديث عن الإعتداء الإرهابي؟؟…

ثم يواصل تحليله للعملية بالقول..

كي نفهم الخطة الفرنسية لاحتلال شمال مالي تحت ذريعة طلب سلطات باماكو هناك طرد الإرهابيين، يجب أولا فهم الإطار العام، لتلك الخطة. فهي تراعي مسرح الحرب وحدودها، أي دول الجوار خاصة أنها منطقة صحراوية شاسعة لا يمكن مراقبتها تحت كل الظروف. فهذا هو جوهر العمل الاستخباراتي وهو ما قامت به فرنسا قبل 6 أشهر على الأقل.

 

حسبه أنه كي نفهم الخطة الفرنسية علينا أن نفهم أن منطقة الساحل هي منطقة صحراوية لا يمكن مراقبتها و ذلك هو جوهر العمل الاستخباراتي. و سؤالي هو ما علاقة عدم القدرة على مراقبة منطقة ما بالعمل الاستخباراتي؟، و كيف يكون هذا جوهره إذا افترضنا أن الاستخبارات إنما تنشط في أشد المناطق حركية في العالمدن الكبرى.. في نيويورك، في باريس في واشنطن في مسوكو و غيرها. ثم اخبرنا كاتب المقال على ان الاستخبارات الفرنسية خططت للعملية قبل ستة اشهر على الاقل و لا اعرف حقا من اين له بهذه المعلومة؟.

ثم ينطلق في تحليله من فرضيتين، هذا ما يقوله في السطر الحادي عشر. بعدما فهمنا من العنوان أن الأمر متعلق بمعلومات  قد تكون وصلت الجريدة أصبح الأمر كله يتعلق بفرضيات!!. سنقوم بتجاوز الفرضية الأولى لنحلل مع الكاتب الفرضية الثانية و التي يقول فيها:

إن مهاجمة قواعد الجماعات المسلحة في شمال مالي سيجبرها على الفرار…والاتجاه نحو الأراضي الصحراوية في الجزائر، حيث توجد مواقع البترول والغاز… وهذا يتطلب بدوره مبررا يسمح بملاحقة هؤلاء المتسللين تحت اسم الحق في متابعة مطلوبين، مما يؤدي عمليا بالجيش الفرنسي إلى الدخول في أراضي الغير، أي الجزائر تحديدا. فكيف يمكن تنفيذ ذلك إذا كانت فرنسا في غنى عن المجال الجوي الجزائري في الأصل، وكانت تطلب أكثر من هذا؟.

 

وإن افترضنا مع افتراضه أن الإرهابيين قد يتسللون إلى الجزائر بعد مطاردة الفرنسيين لهم، و هذا مستبعد في الغالب، إلا أن كاتب المقال نسي أن يشير إلى أن الجزائر أغلقت حدودها مع مالي عسكريا. ثم أن مصطلح الحق في متابعة مطلوبين مستخدم في غير محله، كيف يكون هناك متابعة لمطلوبين على أرض الجزائر من قبل فرنسا، إذا علمنا أن الارهابيين في غالبيتهم جزائريين!!. ربما لم يقرأ كاتب المقال التاريخ جيد ليعرف عن أي دولتين يتحدث.

يقول الكاتب في فقرة أخرى

وجود فرنسي مشبوه
بالعودة إلى المنطقة البترولية بعين أمناس ندرك أن فرنسا لا تملك مصالح فيها، فالشركات الثلاث العاملة هناك إما إنجليزية أو نرويجية أو جزائرية ممثلة في سوناطراك، وبالطبع فإن العمال كما هو معروف في ميدان البترول عادة ما ينتمون إلى عدة جنسيات. والذي حدث على الأرض في إطار الخطة الاستخباراتية الفرنسية أنها قامت بزرع أحد رجالها بالقاعدة البترولية ويدعى “يان دي جو” صاحب مطعم في “أنجلي” بمنطقة “البيريني” بفرنسا، وهو رجل سابق من القوات الخاصة. المهمة في ظاهرها التي بدأت قبل شهرين من الهجوم الإرهابي على القاعدة البترولية بعين أمناس، تتمثل في ضمان إطعام العمال، أما في عمقها فهي تعمل على توفير المناخ الملائم للهجوم على القاعدة بحكم معرفته الطويلة بالمنطقة الصحراوية، خاصة أن المعلومات المؤكدة تثبت بأن الإرهابيين الذين قادهم جزائري يتشكلون من جنسيات أجنبية، ويوجد من بينهم إرهابي فرنسي حسب ما تؤكده الصحافة الفرنسية يعد من القتلى مثلما يعد الرأس المدبر للعملية وهو “يان دي جو”.
الإعتقاد الذي بنى عليه الكاتب فرضيته وهو أن فرنسا لا تملك عمال لديها في المنطقة لذلك قامت بعملية زرع إرهابيين هناك اعتقاد غبي في رأي و لا يخضع لأي منطق!. ثم من أوحى لصاحب المقال بأن الفرنسي المدعو يان ديجو خطط للإعتداء الإرهابي؟؟!!.  و هل يعقل أنه لو كان يان ديجو الرأس المدبر للعملية يُقضى عليه، من هذا الغبي الذي يدبر لعملية يقتل فيها نفسه!!؟؟.

و ما يذهب إلى الاعتقاد بأن الرجل السابق للمخابرات الفرنسية كان أداة ربط مع الإرهابيين، أنه حظي بتكريم خاص جدا لم ينله أي فرنسي آخر بعد مقتله في هجوم الجيش الجزائري، فالأعلام نُكست على مستوى بلدته وتم تقديم التعازي لعائلته من كبار المسؤولين الفرنسيين، فكيف يأتي التكريم إذا لم يكن الرجل قد قدّم خدمة كبرى للمصالح الفرنسية؟

هل يعقل هذا حقا، الربط بين تكريم أحد ضحايا الإعتداء بتنفيذ الإعتداء. ربما غفل الكاتب عن أن الاجانب يعتبرون في بلدانهم بشر لذلك فهم يكرمون.

ينهي الكاتب مقاله هذا بالعبارة التالية

لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك…

انطلق الكاتب من فرضية أوصلته إلى حقيقة مطلقة عبر عنها بإثبات لا يخضع أبدا للشك…!!.

في الأخير أتمنى أن تصبحوا على ارتياح، لأنه كان علي كتابة هذا الموضوع لارتاح من الاستفزاز الذي سببته لي الصحيفة.

التلفزيون الجزائري، كوّر و اعطي لَّعور !

مع احترامي لكل من يعمل بالتلفزيون الجزائري.. لكنكم تستغبون الشعب.

هذا الرأي تكوّن لدي منذ فتحت عيناي على شاشة اليتيمة قبل سنوات، و ازداد هذا الرأي رسوخا حينما مررت ببرنامج “صباح الخير يا جزائر” قبل أسبوعين.
أولا أريد أن أقول أني تفاجأت لمركز بث البرامج في التلفزيون, و أنا أدخل المركز “بعد عناء شاق في البحث عنه، إذ أنه ليس هناك أي لافتة تشير الى المركز” ظننت أني أدخل لورشة بناء !!. هذا ليس عيبا لو كان التلفزيون تلفزيون خاص مثلا، لكن أن يكون تلفزيون حكومي هو وجه لدولة بأكملها تحاول أن تجد لها مكانة في أنظار العالم فهذا يتجاوز العيب بكثير. هناك عرفت لماذا تظهر الصورة بشكل رديء و كأن التصوير هو من زمن الإشتراكية!.

ثانيا و أنا أحضر نفسي للمرور بالتلفزيون كنت أظنني سأتحدث عن التدوين, لأنهم استظافوني هناك على أساس أني مدون. لكني وجدت المشرف على المواضيع يطالبني بالحديث عن المخطوطات، و لكم أن تتخيلو ذلك “المخطوطات!!”, و ما علاقتي أنا بالمخطوطات!؟. حينما قلت له أن لا علاقة لي بالمخطوطات أجاب بلا اكتراث، ماعليش اهدر برك!.

حين دخلت الأستوديو و جه لي المذيع أسئلة حول المخطوطات، كيف نحول المخطوطات الى مدونات الكترونية؟ ( يا رباه ماهذا السؤال). لم أجدني سوى أسايره في الحديث مع استغراب جد كبير من هذا الذي لا يعرف حتى معنى التدوين الالكتروني؟؟.

لا يتعلق الامر فقط بالأسئلة التي لم تكن في محلها، بل بالذهنية التي تسيّر و التي تقول: ما عليش الجزائريين مايهمهش واش يسمعوا، المهم برك يسمعوا!. يعني هل من الصعوبة أن يقوم المذيع بإجراء بحث بسيط على النت ليتعرف على التدوين الإلكترني؟, هل من الصعوبة أن يوجه أسئلة تمس الموضوع كي يفهم المشاهد البسيط حول ماذا يدور هذا الموضوع؟.

اتصل بي العديد من الاصدقاء (الذين لا علاقة لهم بالتدوين) يسألونني عن ماذا كنت أتحدث في اللقاء.. أحس حقا عند إجابتهم بأنه تمت الإساءة للتدوين على المباشر.

ألا نستحق تلفزيونا أفضل، يقدر المواطن و يحترم عقله؟. لا يستغبيه بعقلية “كوّر و اعطي لّعور”. هل أصبح المشاهد الجزائري لهذه الدرجة، مخبول لا يهم المادة التي تقدم له سواءا كانت جيدة أم سيئة؟ أم نقول ، هل أصبح هكذا التلفزيون الجزائري، متقوقعا على نفسه. لا يدري بأن العالم  تغير و أن الاعلام أصبح اليوم يقيم دولا و ينفيها.

أتساءل حقا، أين تذهب ميزانية التلفزيون؟. و أتساءل أكثر عن مهنة وزير الإعلام إن لم تكن الإهتمام بقطاع الإعلام في الجزائر.. هل هذا العمل صعب؟. ألا يشاهد وزير الإعلام قناة الجزيرة مثلا، قناة سكاي نيوز. أو حتى قنوات حكومية لجيراننا. إذا لم يكن الوزير يعي جيدا أن الإعلام اليوم أصبح هو السلاح الحقيقي، فلماذا هناك وزير للاعلام؟.

الجزائريون يستحقون الأفضل. نستحق تلفزيونا جميلا باستوديوهات جميلة و مذيعين جميلين و الأجمل نستحق إعلاما جميلا، يرتقي بالفرد الجزائري، يحترم فيه عقله، موروثه، تاريخه.

 

سر البقاء

أما جسم الإنسان فيتكيف مع أي ظروف قاسية, كما أن المعتقدات الراسخة هي سر البقاء في ظروف الحرمان.
نيسلون مانديلا

مع الثورة السورية حتى النصر

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.

الخبر تبدع في التفاهة

2009-07-10_020401

المواطن الجزائري البسيط يملك من امور دنياه بمشاكلها وتعقيداتها ما يمكن ان يفوق لو تفجر قنبلة نووية !!  , اغلب المزلوطين مثلي انا يقتنون صباحا الجريدة الاشهر في الجزائر ( الخبر ) , هم لا يفعلون ذلك لانها تقدم مادة تغنيك عن مشاهدة قناة الجزيرة مثلا او لانها ترفع من فرصة اكمالك اليوم من دون ان تصرخ على عامل في الادارة , لا بل فقط لانه لا يوجد ما نقتنيه افضل و احسن .

ركبني الحنق هذا الصباح وانا اقرا العنوان الرئيسي في الصفحة الاولى ( ”الخبر” تتقفى آثار بائعات الهوى الجزائريات في بلاد الشام) , من اول الامر اغتضت لهذا العنوان الذي كاد يجعل مني ان امزق الجريدة بيد اني تريثت محاولا قراءة الروبورتاج او التقرير الذي اعدته هذه الخبر , طبعا فتيات بائعات هوى في ليالي دمشق الصيفية و كباريهاتها و كازينوهاتها وفنادقها ومجاس الطرب , جزائريات يبعن اجسادهن مقابل ثمن رخيص يكفيهن عشاء ليلة واحدة . القيء لم يصبني لكن كان من الممكن ان تصيبني ازمة قلبية و لانني اعرف حال اعلامنا ولانني في مقتبل الشباب لم يحدث ذلك , لا اعرف من هذا التافه الذي يفكر بمنطق السخافة و الذي يعد تقريرا كهذا ليس عن العلاقات الجزائرية السورية في مجال التعاون النووي لربما , او عن الادمغة الجزائرية ي سوريا او عن …. . ما وجد صاحب التقرير الا موضوعا اشد ما يكون تفاهة و اغرب من ان يوضع في الصفحة الاولى على جريدة وطنية , الم يكفي الخبر قصص بائعات الهوى في قصور اصحاب القرار في البلد , الم يكفها قصص بائعات الهوى في كباريهات العاصمة ورياض الفتح ووهران وكل قطر من بلادنا المفجوعة بهؤلاء حتى تذهب واين ؟ الى بلاد الشام لتعد تقريرا اشك في نزاهته واشك في عقلية صاحبه.

هذا ما تغدقنا به الجرائد الجزائرية يوميا , اخبار لاشان لنا بها ولا تهمنا لا من قريب و لا من بعيد , كان الاحرى بالخبر ان تحترم هذا الشعب الذي مل من دنس السلطة حتى يبتلى بدنس الصحافة  … وما الصحافة الا دنس من نجس السلطة . غيبوا عنا اخبار حالة الازمة السياسية في البلد والى ما ستؤول اليه الاوضاع , غيبوا عنا  العلاقة الحاصلة بين الجزائر وفرنسا اثر الاحداث الاخيرة بين البلدين وابرزها اتهام جنرال فرنسي للجيش بقتل رهبان تيبحرين ابان الازمة … و الكثير الكثير , وشغلونا ببائعات الهوى في بلاد الشام .  بربكم كيف لا تصنف صحافتنا على انها الاسوا عالميا وبلادنا على انها الافقر حداثة في مجال الاعلام وشعبنا على انه الاكثر تخلفا فكريا.

اعلامنا الانهزامي

تعاني مجتمعاتنا العربية من انحراف فكري اصابها منذ القدم , وعلى الرغم من الصيحات المتعالية من هنا وهناك املا في انقاذ الوضع و السير بالسفينة الى شاطئ الامان الا ان الامر يبقى كما هو , لا بل يسير نحو الاسوا . وما يزيد الطين بلة هو الدور السلبي الذي تلعبه وسائل الاعلام بمختلف اشكالها في بناء هذا المسار الرجعي المتخلف الذي يلغي كل محاولة جادة للبناء ويقضي على الاحلام و الطموحات ويزرع بذور الشلل و الانحدار , وكانه ينقصنا ما بنا حتى نبتلى بما هو اسوا مما نعانيه.

في اطلاعي اليومي على الجرائد و القنوات التلفزيونية اصاب بالدوار من المادة الفكرية التي تنقلها هذه الوسائل و بالخصوص الجرائد منها , فلا حديث الا عن مشاكلنا اليومية البسيطة التي تئدنا و التي نهرب منها الى القراءة حتى نجدها مجسدة امامنا في ثوب مقال يغرقنا بالياس و الدمار الى اشياء لا تستحق ان يتطرق اليها شخص من الواجب ان يحمل على عاتقه مهمة السير بالمجتمع الى التفكير العقلاني و التطور الاخلاقي و كل ما يتسم به من يريد ان يبني حضارة.

اما كفانا قرفا مما نعاني منه حتى ترتكب جرائم في حق تفكيرنا ؟ الا يعاني تفكيرنا الشح حتى يبتلى بانهزامية المهزومين  الذين ينشرون الهزائم و التوجسات التي تنم عن جهلهم و عن  سوء تفكيرهم ؟ وكاننا في حالة نعاس شديد وهم يزمرون على اذاننا كي ننام . الا يستطيع اولئك القوم ان يفكروا بعقل رشيد ولو للحظة , ويغيروا تلك السياسة التي يتبعونها في تيئيس الجماهير التي يدفعون بها الى الهموم و الشكوى و التعصب و الكسل , ايعقل ان يوجد هناك من بيده الامر لصنع التغيير الحقيقي بيد انه يوجه قوته تلك الى دفن الشعوب  ووأدها ؟

مللنا من سياسة التيئيس و الملل و الرووتين و المشاكل وسوء التسير و ظلم الانظمة العربية و السرقة و الاختلاس و الرشوة وكل ما من شانه ان يضعف حماس يربطنا بوطنا العربي الواسع الذي من المفروض ان نعمل من اجله .

اتعجب حقا من سياسة كهذه , فقد صار دور الاجهزة الاعلامية كدور الطابور الخامس الذي ينهش العقل بالافتراءات و الاكاذيب التي تودي به الى الهلاك . على الاعلام حقا ان يراجع دوره في المجتمع و ان يحسب نفسه عليه بان يقوده قيادة عقلانية ليس فيها من الانحراف شيئا … نكاد بالتالي نتوقع ان يتغير الامر الى الاحسن.

من فساد الدراما المكسيكية الى انحراف التركية

d985d8acd984d8a9-d985d987d986d8afام بي سي , ابو ظبي ,ام بي سي 4 وغيرها من القنوات العربية الذائعة الصيت اصبحها همها الوحيد السعي للظفر بالبث الحصري للمسلسلات التركية , التي تسارعت في السنتين الاخيرتين تسارع الوباء . هكذا هي الدراما التركية التي دخلت كل بيت عربي بلا استئذان وبلا خجل , ولم الخجل ؟ وهي التي تحمل في طياتها تمردا على الاخلاق و العادات و الدين تمردا مس ابرز تقاليد الامة الاسلامية , انه الحياء , فمن مهند و لميس الى عمار و يحي و ميرنا والقائمة جد طويلة , اسماء اضحت متداولة بين الناس اكثر من تداول التحية .

اما اذا اردنا ان نشخص هذا الداء الذي اصاب الداني و القاصي فانه و لابد يكون ذلك الانحراف الذي مهدت له الدراما المكسيكية و المصرية لتاتي التركية وتجد القاعدة قد مهدت لها لنشر سمها الدنيئ في اوساط المجتمعات المحافظة .

ولا شك مازاد من شيوع هذا الوباء هو اصوات الممثلين السوريين التي استعملت في الدبلجة , اولئك الممثلين الذين كنا نحسبهم مدعاة للفن الراقي , تلك الاصوات التي خدعتنا  بعد ان الفناها في اعمال رجولية عادت بنا الى زمن الرجولة العربية , ولكنها في الواقع ذات وجهين وما لم تجده في الدراما السورية من انحراف وان كان بشكل بسيط وجدته في التركية , ولايسعني في هذا المقام الا ان اوجه التحية للمثل الكبير بسام كوسا  الذي رفض ان يتدنى الى المستوى الضعيف الذي تنتجه الدراما التركية وهو ما هو من ممثل كبير قدم الكثير للدراما العربية السورية .

ومع ازدياد هذا الوباء لم يتحرك احد للوقوف في وجه من اي طرف خصوصا من اولئك الذين يسمون انفسهم مثقفين ونخبة , واي ثقافة واي نخبة تواجه هذا التيار وهي التي تسعى في بلادنا للعمل على شاكلة التركية لو استطاعت ذلك .

اليتيمة تطلق الرابعة والخامسة

مفاجأة سارة شهدها الإعلام الجزائري ليلة امس باطلاق القناة الرابعة الناطقة بالامازيغية والخامسة للقران الكريم , حدث هام ليس لان التلفزيون تمكن اخيرا من اطلاق قناة او قناتين في وقت واحد ولكن لان نوعية القناتين لم تعودنا عليهما اليتيمة , فالقناة الرابعة الناطقة بالامازيغية تبرز كوسيلة اعلامية فريدة تعالج القضايا باللهجة الامازيغية  لتزيح الستار عن التاريخ الامازيغي الكبير والذي سيعزز من خلال هذه النافذة الاعلامية المهمة , اما القناة الخامسة للقران الكريم فتعد هي الاخرى منطلق لرؤية اعلامية دينية تقدم باذن الله المسار الواضح للمذهب المالكي مذهب الدولة ولعلها تكون ملاذا امنا لاولئك الغاوي بهم والذين يتبعوون افكار تؤدي بهم في الاخير الى الانحراف الحقيقي , ورغم ان القناتين في بداية المسار وتعترضهما الكثير من الصعوبات في الانطلاقة الحقيقية , الا اننا لاننكر انها تجربة اعلامية فريدة , فهل يا ترى بدا ستار اليتم يزول عن اليتيمة ؟

اسهال اليتيمة …

من شدة الزيف الإعلامي الذي تمارسه اليتيمة على مشاهديها اليتامى بات من المؤكد أن يكون رئيس الدولة هو مديرها و المسير المباشر لها الذي يعين مستذأبيها و مستنزفيها … و لعل الرئيس يريد أن يحضى بشعبية فوق الشعب تلك التي تفرشها له اليتيمة منذ توليه العارضة السياسية للجزائر حتى صرنا نسمع بالرئيس و منجزاته كأننا نعيش في زمن عمر بن عبد العزيز لا في زمن بوتفليقة عبد العزيز.

وهاهي الرئاسيات على الأبواب و المترشحبن على أهبة الإستعداد لخوض غمار المنافسة الشبه مستحيلة أمام معشوق التلفزيون بلا منازع السيد بوتفليقة … و إن كان بلا أدنى شك سيكون هو الفائز أمام أرانب تكاد لا ترقى لأكل الجزر إلا أنه ليس من المنصف أبدا أن نتجاهل هؤلاء (عفوا) أقصد تتجاهلهم اليتيمة حتى في نقل أرائهم و خرجاتهم للشعب الخارج عن كل ما يجعل منه شعبا و ذلك طبعا ليس دفاعا عنهم و حاشا أن يكون الدفاع لأجل عيون هؤلاء، و إنما هي الديموقراطية التي يشرع الكل و لا يعمل بها أحد هي التي توجب أن يكون هناك تعدد و إنصاف في نقل و بث الحملات الإنتخابية لمختلف مرشحي الرئاسيات.

و لإن صرت شبه مقتنع بأن هؤلاء المرشحين سيقفون عند عتبة قصر المرادية من دون حتى أن يشموا أزهار حديقته , إلا أنه ليس من المفروض أن يطغى الزيف الإعلامي على عقل المشاهد البسيط الذي يرتكن في إحدى زوايا منزله مصدقا ما قد تقوله فريدة بلقاسم من نشرة الثامنة.

تنسى اليتيمة أو تتناسى أن بوتفليقة مرشح كغيره من المرشحين, وتنقله من الآن في صورة الرئيس الذي فاز بالعهدة الثالثة من عهداته الرئاسية، مزكية له المرور نحو خمس سنين أخرى , الله أعلم كيف ستمر بعد أن زكت له تعديل الدستور للترشح للعهدة الثالثة و الرابعة  وربما و العاشرة إن أطال الله الأعمار و هي بيده وحده سبحانه…

الحمد لله أن جعل في أرض الجزائر صحونا لاقطة و إلا كنا كمن ينتخب من بيته أمام التلفزيون … فمن ذا الذي يؤمن أن الجزائر تمشي في مسيرة النمو؟. الحق الحق أنها أسيرة النمو بيتيمتها التي ربطوها أعواما بحبيب شوقي الذي ما إن طلقوها منه حتى ظننا أنها لن تشتاق لتسييره الأعوج ولكن صدق المثل الشعبي الذي يقول ( العود لعوج يبقى ظله أعوج )  . . . فمتى إذن نتخلص من اعوجاجنا ؟