بخير ما دامت لا تمطر!

ساعي البريد: كيف الحال سيدة ماريا.
ماريا: بخير، مادامت لا تمطر.

حوار من أحد الأفلام.

 -1

لا أعرف لماذا أكره المطر، نعم أكرهه، إنها الكلمة المناسبة تماما تلك التي تعبر عن شعوري نحو تلك القطرات من المياه التي تتدافع نزولا من السماء. الشتاء بصفة عامة، والأمطار بصفة خاصة تشكل لي إحدى العقد التي لم أستطع مع مرور السنوات التخلص منها، كلما حل الشتاء أقف محدقا في البعيد وكأن أمرا جللا سيحصل، وكأن الشتاء، ستكون أيامه القصيرة النهار آخر أيام سنفتح أعيننا بها صباحا. عندما أفكر في الموت، أفترض دوما أنني سأموت في يوم من أيام الشتاء الماطرة، نعم سيكون يوما هكذا مليئا بالوحدة والحزن، مليئا بالغيوم الكئيبة والبرد الذي يتسلل إلى كل ركن فينا قاضا مضجع الدفء والفرح.

-2

لا أعرف أي وجه شبه بالرومانسية ذلك الذي يراه البعض في المطر!، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن أفكر في شيء قد يجمع الاثنين، الرومانسية تلك التي تبدو زاهية باهية والمطر ذلك الذي لا يسقط مع قطراته سوى الوحدة والحزن.

المطر يشعرني بالوحدة، حتى ولو لم أعيها خلال اللحظة التي أكون بها غير ذلك، أشعر بها عميقا في داخلي، حزن خافت، لكنه جميل بعض الشيء، ينطبق تماما على صورة أن يتكوم طفل صغير في فراشه من البرد، لكنه يشعر بالدفء.

-3

لم أعتد على شتاء العاصمة بعد، شتاء العاصمة على الرغم من أنه قليل برد إلا أنه كثير أمطار، اليوم، واليوم فقط بعد قرابة أسبوعين كاملين، توقفت الأمطار عن الهطول، اختفت بعض الغيوم وظهرت أشعة شمس محتشمة. حاولت قدر الإمكان في الأيام الماضية أن امشي تحت الأمطار وهي تنزل سيلا من السماء، لكني في داخلي بقيت أتحسس عدم قدرتي على تقبل ذلك، ليست لدي مطارية ولا أشتهي أن أحمل واحدة، على الرغم من أن البلل يكون نصيبي دوما حينما أخرج والسماء تمطر، لكن حساسيتي المفرطة تجاه المطر لا تتعلق بكوني أخشى البلل بقدر ما تتعلق بأمر آخر أعمق بكثير.. جزء منه ربما يعود إلى طفولتي الأولى التي كنتها ذات يوم.

-4

هذا الشتاء جاء مبكرا بأمطاره، يطرد الناس مبكرا إلى ديارهم، كما يحتم على أصحاب المقاهي أن يغلقوا مقاهيهم قبل أن يرتفع مؤذنوا المساجد بنادئهم لصلاة المغرب، وحدهم المشردون وعابرو السبيل من يبقون مستيقظين إلى آخر ساعة من الليل وهم يتمنون لو كانت لهم منازل تأويهم لسعات البرد وبلل المياه.

-5

أتساءل متى يقدم الربيع، متى تعود الشمس مجددا لمغازلة أسطح المنازل، ومتى يخرج الأطفال ضاحكين يلعبون إلى آخر ساعة في النهار من دون أن يسمعوا أصوات أمهاتهم وهن ينادينهم لدخول المنازل باكرا… ومتى، متى بالضبط أعود إلى حالتي الطبيعية، حين لا اشعر بأنني لست على ما يرام!.

-6
رغم كل ذلك، بعض الاشياء لا تحلو الى مع هكذا جو، لا يعني ذلك أنه يجعلها جميلة على ماهي عليه، لكنها تسقط بعضا من الضبابية التي تتجمع كلما وصلت الى مسامعي زخات المطر المتدفقة على النافذة.. مثل بعض الكتابة، القراءة ومشاهدة الأفلام.
اسمع أحمد الشريف، في أغنية “سهران معاك الليلة“، استمتع بها، لكنني لا اشاهد الفيديو كليب، الفيديو بلا أمطار، يرقص مع حبيبته صيفا.. ذلك الذي أتمنى أن يحل في أقرب الآجال.

فنجان قهوة مع mbc max

فيلم عوالم رالف

الساعة 21:22
احتاج بشدة الى فنجان قهوة، في المطبخ حيث علبة النيسكافي المملوءة بُنا، بإمكاني صنع واحد.. لكن المشكلة كل المشكلة  في السكر.. لا يوجد سكر. لم يحن بعد وقت إغلاق محل المواد الغذائية في آخر الشارع، لكن الأمطار في الخارج تتساقط بغزارة، يكفي أن أسمع القطرات التي تتضارب على النافذة حتى ألغي من رأسي كل فكرة بالخروج وشراء علبة سكر. سأبقى هكذا مع رغبتي الكبيرة بتناول فنجان قهوة على أن أصاب بالانفلونزا.

تحدوني رغبتان أخريتان عارمتان لا يحلو معهما إلا ارتشاف فنجان قهوة، مشاهدة قناة mbc max التي أعشقها بشدة، أو تصفح النت، وبالضبط قراءة مدونات إنجليزية من تلك المحفوظة في مفضلات المواقع والتي تقودني كل يوم إلى اكتشاف مدونات جديدة بها ما بها من عوالم خاصة. مشاهدة الأفلام على الامبيسي ماكس دوما ما تنسيني في الوقت، متعة مشاهدة الأفلام التي تعرضها هذه القناة تقودني إلي أن أنغمس فيها إلى حد كبير خصوصا إن كانت تلك الأفلام من نوعية الأفلام التي أحبها، الدرامية والمشوقة أو الرومانسية. أنسى نفسي غالبا في مشاهدة فيلم أو حتى الذي بعده فأخسر بذلك ساعيتن أو ثلاث من دون أن أحس بهما بتاتا، احيانا اجدني انظر للساعة على هاتفي النقال فاجدها وقد فاقت منتصف الليل بكثير.
ماذا عن القهوة، قد لا تصدقون إن أخبرتكم أن رغبتي الحارقة في شرب فنجان قهوة لا تتعلق بارتشاف القهوة في حد ذاتها، إنها عادة غريبة بالسهر إلى جانب فنجان قهوة وفقط، ان اراه امامي، واتحسس مرة على مرة كي لا افقد تركيزي ويغلبني النعاس.

الساعة 21:54

قناة  mbc max تبث فيلم سبق وشاهدته لذلك انتقلت الى قناة فوكس موفيز، لأشاهد فيلما عنوانه the boy next door، قصة الفيلم عن جريمة قتل تقع في بلدة صغيرة بأمريكا وتحدث بعد أن تسافر إليها روائية مختصة في كتابة الروايات الغامضة، الفلم فكرته جميلة لكنه غير ممتع، الممثلين بدوا في أدوارهم جد بعيدون عن الاحترافية، المهم أنني اظطررت إلى إكماله فقط لأعرف من هو مرتكب جريمة القتل. الممثل الوحيد ربما الذي أعجبني في آداءه هو كوري مونتايث، الفتى الشاب الذي تعرفت علىه في السلسلة الشهيرة التي شارك بها “glee“،  قبل وفاته شهر جويلية الماضي.

فكرة هذا الفلم رائعة، لكن السيناريو في رأيي جد ضعيف، يظهر ذلك جليا في غياب أي تشويق زيادة على المشاهد المبتذلة التي تبين بوضوح مقصد شخصيات الفيلم التي قد يجد فيها المشاهد غرابة من حيث أنها تظهر الفيلم وكأنه فيلم هواة.

بالعودة الى الممثل كوري مونتايث، قوبلت وفاة هذا الممثل الشاب بكثير من الحزن في الوسط السينمائي الأمريكي وحتى العالمي، خصوصا بعد شهرته التي صنعها بمسلسل “غلي” الذي يجسد فيه دور مغني في المدرسة الثانوية، موته أعاد للأذهان وفاة الكثير من الممثلين في ريعان شبابهم بعد تحقيقهم لشهرة كبيرة، على غرار الممثل الاسترالي هيث ليدغر الذي توفي بعد اداءه لاعمال سينمائية كبيرة كان آخرها مشاركته في الجزء ما قبل الأخير من سلسلة باتمان. وكذا الممثلة بريتاني مورفي التي لعبت عديد الادوار السينمائية الناجحة في حياتها كممثلة في هوليود والتي لم أعرف إلا مؤخرا أنها توفيت قبل ثلاث سنوات كاملة. ولا انسى كذلك الممثل الشاب ساج ستالون  ابن الممثل الشهير سيلفيستر ستالون الذي توفي العام الماضي، والذي اشتهر من خلال دوره في فيلم “روكي 5″، حينما أدى دور “روكي جونيور”.

الساعة 23:29

انتقل الى النت، اسمع ستروماي واتصفح بعض المواقع والمدونات.
الساعة 00:09
أعود لإكمال مشاهدة فيلم كرتون كنت سبق وشاهدت مقاطع منه على النت. الفيلم عنوانه “حطمه رالف” -لا أعرف إن كانت هذه هي الترجمة الصحيحة ل wreck it ralph-، فيلم جميل جدا.. لا أخفي تأثري الشديد به من ناحية طرح الفكرة ومعالجتها. قصته عن “رالف المدمر” وهو شخصية كرتونية في لعبة شهيرة ظهرت في ثمانينات القرن الماضي يحاول التحول من شخص شرير إلى شخص طيب ونيل بعض الإحترام والحصول على ميدالية كتلك التي يحصل عليها بطل اللعبة فيلكس، الذي يقوم بإصلاح كل ما يدمره رالف في اللعبة. ولأجل ذلك يقوم بمغامرة للحصول على ميداليته ونيل رضا أصحاب العمارة التي دوما ما يقوم بتدميرها، فيخاطر باقتحام أجهزة أخرى في صالة الألعاب، من بينها لعبة أكشن أين يحصل بها على ميدالية ذهبية  لكنه سرعان ما يفقدها في لعبة أخرى للسرعة، وهكذا تبدأ قصته من البحث عن ميدالية إلى التحول إلى شخص طيب. في الأخير يحقق حلمه فعلا لكن ليس بالطريقة التي كان يتوقعها.. صانعوا هذا الفيلم أبدعوا بجد في في بناء عمل يقوم على سيناريو وفكرة بسيطة لكنها من العمق بما يجعل المشاهد بعد نهاية الفلم يسقط دموعا على خديه الإثنين، هذا الفيلم بالذات يذكرني بفيلم آخر شاهدته قبل مدة وكان هو الآخر رائعا، ربما أحكي عنه ذات يوم.

للمهتمين بامكانكم مشاهدة الفيلم على النت من هنا (حطمه رالف)

الساعة 02:00
أدردش مع صديقي أحمد على الفايسبوك وأعطيه رابطا للفيلم لمشاهدته.. أحمد مهووس بالتقنية والأفلام، خصوصا تلك التي تحمل في طياتها أفكار مبدعة، ساعتين بعد ذلك أرسل لي رسالة على الفايسبوك مفادها:

arwa3 film chouftou .. graaaaaaaaaaaaaaacias

الساعة 03:00
أنام متأثرا بفيلم رالف، الغريب أني ربطت بين شخصية بينيلوبي، الفتاة الصغيرة في الفيلم والتي تحاول جاهدة أن تحقق حلمها بالمشاركة في سباق سيارات وبين شخصية حقيقية أعرفها في الواقع.

 

العالم في بيضة

بيضة المحيط الحيوي

قبل سنوات من الآن.. على باب صدأ لكشك في مدينة شبه صحراوية،  كانت تعلق كل شهر مجلة موجهة للأطفال، أفترض أن لا أحد كانت تمتد يده إليها لشرائها – وهو ربما السبب الذي يفسر غيابها بعد ذلك-، مكتوب عليها عنوان بالبنط الأحمر العريض “مجلة العربي الصغير”.
ولأني مذ ولدت أذكرني طويلا، إذ لم يحدث إلا في مرات نادرة أن رفعت رأسي للأعلى للحديث مع أحدهم، كنت ألتقط المجلة بكل سهولة ويسر من دون مساعدة من أحد لأدخل على صاحب الكشك ذي البشرة السمراء الذي لم أره يوما بلا قبعة رياضية على رأسه، وأدفع حسابها وأخرج مزهوا بها. كان سعرها يقدر بـ60 دينارا، وكنت لمدة تتراوح ما بين 20 و30 دقيقة استمتع بكل ما كان يجيء فيها من معلومات، صور رسومات وغيرها من المواضيع الجميلة التي لم أكن قرأت عنها من قبل، في غالبيتها مواضيع ثقافة عامة وقصص لاكتشافات، المجلة التي كانت تأتي متأخرة عن موعد صدورها بأكثر من شهر التزمت بشرائها لأشهر قبل أن أعثر على شقيقتها الكبرى “العربي” التي لم أكن أحسب لها قبل ذلك وجودا .
في عدد شهر مارس قبل تسع سنوات من الآن، التقطت نسخة من مجلة العربي الصغير، ورحت أقلب صفحاتها الواحدة تلو الأخرى مطلعا على المواضيع المنشورة آنذاك، من إحدى تلك المواضيع التي أثارت اهتمامي ولا يزال يفعل إلى اليوم موضوع بسيط عن بيضة غريبة الشكل. البيضة التي لم أكن قبل ذلك رأيتها ولا سمعت عنها أبدا، ولم أبحث عن سرها إلا بعد سنوات من ذلك الزمان، كانت بيضة تسمى “بيضة المحيط الحيوي”، وتذكرتها فقط حين دخلت اليوم لموقع مجلة العربي ووقعت عيناي على مجلة العربي الصغير التي أعادتني بذاكرتي إلى أيام جمعتني وإياها.

الموضوع الذي قرأته في ذلك الوقت عن تلك البيضة بقي راسخا في ذاكرتي، لا أعرف لم فعل ذلك؟ !، ربما لأنني لم أتوصل إلى طريقة أعرف بها المزيد عن تلك البيضة العجيبة في غياب الأنترنت حينها.
خلال بحث بسيط في أرشيف العربي الصغير عثرت على ذلك العدد وعلى الموضوع الذي شغلني طويلا حتى بعد أن كبرت، والذي لم يكن سوى موضوعا قصيرا لقارئة تتساءل عن السر في بيضة أرسلها إليها قريبها من أمريكا قال عنها أنها تجمع العالم بداخلها. ولأن رد العربي الصغير على الاستفسار كان صغيرا كذلك، دفعني الفضول إلى البحث أكثر عن الأمر، أيعقل أن تكون هناك بيضة تجمع العالم بداخلها؟!. حسنا لم يكن جمع العالم بالمعنى اللغوي للكلمة، بقدر ما يعني ذلك وضع بيئة مناسبة لحياة في وسط معين، وعلى هذا كانت البيضة.
للأسف البحث باللغة العربية عن “بيضة المحيط الحيوي” وهو المصطلح الذي أعطي لبيضتنا هذه، في موقع غوغل لن يوصلنا سوى إلى معلومات مليونية عن بيض الدجاج!، إذن فالأفضل البحث باللغة الانجليزية عن “egg biosphere” والذي سيقودنا إلى مواضيع تتحدث عن بيضة غريبة الشكل زجاجية شفافة تحوي بداخلها مياه مالحة وهواء ونباتات وحيوانات القريدس، لتشكل بذلك بيئة متكاملة للعيش مكتفية ذاتيا من دون تدخل خارجي.

البيضة العجيبة يكفي تعريضها للضوء لمدة ست ساعات يوميا حتى تحقق الكائنات بداخلها نموها العادي لمدة خمس سنوات كاملة. خلال بحثي عن الموضوع في النت وجدت رابطا قادني إلى موقع أمازون أين هناك نموذج يباع لهذه البيضة لقاء 65 دولارا.

اليوم ربما وأنا أكتب هذه التدوينة عن هذا الموضوع أكون قد وفيت بوعدي الذي قطعته على طفولتي ذلك الوقت بأن لا يبقى موضوع البيضة شائكا لدي، غير ذلك، هل لاحظتم معي كيف أن بعض الملاحظات التي نكبر عليها تبقى لصيقة بنا حتى وإن لم تكن تعني الشيء الكثير، ملاحظات نستدل بها على فترات معينة من حياتنا وربما حين نسترجعها نسترجع معها أحاسيسنا التي طبعتنا خلال تلك اللحظات؟. يبدو الأمر مثيرا بعض الشيء، يقودنا ربما للحديث عن أمر آخر خاص باللاشعور الذي يرقد عميقا في عقولنا.
أما عن مجلة العربي الصغير، تلك التحفة الفنية التي لازالت تصر على أن تبقى مصدرا للمعرفة والثقافة، كانت لي معها ذكريات جميلة ومن خلالها تعرفت على الكثير من خفايا هذا العالم المدهش. أتساءل إن كان حدث ذلك مع أحدكم ؟؟.

باي باي نوكيا

 

نوكيا
قبل أزيد من عشر سنوات من الآن حضينا بأول هاتف محمول في المنزل، كان ذلك الهاتف وقتها من الهواتف الغالية الثمن، أما اليوم فلم يعد له وجود، هاتف نوكيا 3310، وكنا نعامله كمولود جديد في العائلة يحظى بكل الرعاية والحب والحنان، وكنا نتنافس وقتها في من يحظى به أطول مدة ممكنة ليلعب لعبة “الأفعى” الشهيرة التي كانت تاتي مع جميع هواتف نوكيا. بعد ذلك الوقت بسنوات قليلة، حصلت على أول هاتف شخصي لي، وكان هو الآخر من منتوجات شكرة نوكيا، لم أعد أذكر نوعه بالضبط لكنه كان هاتفا ملونا خلافا للهواتف التي كانت بلونين اثنين فقط، وبعده بوقت قصير اشتريت هاتفا مطورا بكاميرا ومن انتاج نوكيا كذلك وهو هاتف n6300، ولا زلت امتلكه لحد اليوم.

أظن أنه لا يكاد يخلو بيت من البيوت من هواتف نوكيا، هذا قبل أن تغزو أنواع أخرى من الهواتف منازلنا كسامسونغ وسيمانس وغيرها، وعلى الرغم من أن الجو لم يكن خاليا لنوكيا كي تحتكر لوحدها السوق، إلا أن هواتفها كانت مميزة بجودتها ورخص ثمنها، وهو ربما ما جعلها تنتشر بين فئات كثيرة من متوسطي الدخل خصوصا في دول العالم الثالث.

إلا أن عملاق صناعة الهواتف الفنلندي على الرغم من سيطرته قبل 2007 على حوالي 43 بالمائة من سوق الهواتف النقالة في العالم إلا أنه  تعرض لنكبات مؤخرا، خصوصا بعد صعود نجم شركة آيبل وهواتفها الذكية، وعلى الرغم من أن نوكيا حاولت هي الأخرى مسارعة الركب ودخول هذا المجال إلا أنها لم تحسب حساباتها جيدا ما جعلها تفقد سوقها. ويأتي قرار الشركة ببيع القسم الخاص بهواتفها لشركة البرامج الامريكية مايكروسوفت كقرار يعزز عدم قدرة نوكيا على مواجهة منافسيها في السوق.
هذا القرار قد ينسينا مستقبلا في نوكيا، لكن مع ذلك تبقى هذه الشركة وهواتفها المميزة تحتل جزءا مهما من ذكرياتنا عن أولى بوادر التكنولوجيا اتي اجتاحت المنطقة.

وكالين شيخنا رمضان!

اعتدنا في الجزائر أن ننهض لكل فعل يمس ديننا من قريب أو بعيد، أو ندفع للنهوض دفعا من قبل إعلام يستغبي عقولنا الصغيرة ويتخمنا بـ”الأنا” الجزائرية التي لا ريب تتلاشى في أول تصادم مع الحقيقة المرة التي هي ببساطة أننا أدنى من أن نحفظ لله خلافته على هذه الأرض.  ما حدث في تيزي وزو (إفطار جماعي في النهار في رمضان) وهي ظاهرة استفحلت في الأعوام الأخيرة ليس منفصلا عن ظواهر أخرى كانت اشد استفحالا، ولربما أقوى مثال على ذلك خطف الأطفال واغتصابهم وقتلهم بوحشية.  فأن يدعو البعض وفق عواطفنا التي يستثيرها فعل هؤلاء إلى فعل الفعل فيهم، فذلك هو الجهل والغباء بأم جد عينيه، والذي لن يوصلنا إلاّ إلى مزيد من تراكم الظواهر الغريبة حقا عن شوارعنا.

الذي حدث وربما سيحدث مستقبلا، لن يفيد التعامل معه وفق “نخوة الدين” بينما نخوة “مكافحة الفساد” نائمة على بعضها!، و نخوة الإحسان في العمل ونخوة “الوعي من أجل فهم أفضل للعالم من حولنا” مثيرة للسخرية في داخلنا. هكذا فقط كي لا يستغل الدين من طرف ببغاوات لا تعرف سوى ترديد كلمة “الله سيعذبكم وسيحشركم في جهنم”.. بينما الدين أعمق من ذلك وهو أسلوب حياة ينبغي أن يحلل ويرصد لا أن يحكم فقط.

ولربما الوحيدون الذي لا يحق لهم أن يتدخلوا في الموضوع هم علماء الدين والأئمة الذين دُجنوا تدجينا في واقع هم الأدرى أنهم بلا حل ولا عقد فيه  في بلاد لا حل ولا عقد فيها إلا للأشباح.. أتمنى فعلا من هؤلاء أن يسمعونا صمتهم ويبقوا بعيدين عن المشهد لأن جل ما قد يفيدون به في تحليل هذه الظاهرة هو القول أن الرب من فوق سبع سماوات حقا “ساخط” ويجب إرضائه بجرجرة هؤلاء “الشواذ” إلى الساحات لسفك دمائهم !.

وربما أو بالتأكيد قطعا ما حدث سيستغل من طرف البعض بأبشع السبل، إعلاميا وسياسيا، ولن يكون أولئك الذين “كسروا حرمة الشهر الفضيل” سوى مجرد ورقة سيلعب بها أفراد على حساب آخرون. ولكن من المستفيد؟، أولئك الذين انتقص يوم من رمضانهم من دون أن يشعروا فيه بالجوع والعطش؟، لو فقط  حاول أساتذة علم الاجتماع في الجامعات والمراكز والمعاهد أن يعملوا ولو قليلا على تحليل الظاهرة وفتح نقاش جدي ودي حول أسبابها وآثارها، تأثيرها، لكنا كلنا الفائزون، لخرجنا من عهد الظلمات هذا الذي نحسب فيه أنفسنا “فوق الفوق” حتى كدنا نبلغ عرش رب العالمين.

الظاهرة ربما تحتاج دراسة أكثر وأعمق وأشمل لفهم أسبابها وخلفياتها، وعدم الانسياق الأعمى وراء “إعلام” مدجن وفتان، يلعب على عقول “الأنا” الغبية التي تسكننا في أعماق أعماقنا والتي لا ننفك نسير بها بطريقة هزلية مضحكة وكأننا فعلا “حراس على الدين” أو على “الحق” ونحن أبعد ما نكون في وقتنا هذا عن هاذين.. ولكن هل سيفعلون، وهل سنكون أذكياء حقا بحيث لن تنطلي علينا الحيلة.. أشك في ذلك فعلا.

هيباتيا تخنق ثانية

مجموعة من معارض مرسي يطاردون شابا مؤيدا له

عندما اطلعت رواية “‫#‏عزازيل‬” ليوسف زيدان، شعرت بغصة وأنا أقرأ عن ما فعله “مسيحيو” ذلك الزمن بالعالمة الإغريقية ‫#‏هيباتيا‬ بالإسكندرية حينما سحلوها خارج القاعة التي كانت تحاضر بها وأشبعوها ضربا ونزعوا عنها ما بها من ملابس وقتلوها أشد قتلة فقط لأنها كانت على دين غير دينهم، فقط لأنها اختلفت معهم حول ما أنزله إلههم. أحسست بشعور غريب أردت معه البكاء بشدة لذلك الموقف اللاإنساني، لكن الدمع توقف بمقلة عيني ليخونني ويبقيني على ألمي الشديد، تساءلت في داخلي المشبع بالحزن عن مغزى ذلك الحقد وتلك الكراهية التي تدعو ذلك المخلوق الضعيف (الإنسان) إلى أن يتحول إلى وحش قاتل فقط لكونه في لحظة عابرة أحس أنه الحق وأن غيره الباطل. نفس شعور المرارة والأسى تقريبا أحسست به عند سحل رجال الشيعة الأربع في قرية مصرية قبل فترة من الزمن من قبل سكانها، ونفسه ما أشعر به تجاه ما يحدث الآن ضد المتظاهرين في ميدان ‫#‏رابعة_العدوية‬ الذين يعمل بعض البلطجية سواء كانوا مدنيين أو من العسكر أو قوات الشرطة على النزول فيهم ضربا وقتلا وترهيبا، كل هؤلاء وإن اختلف فيهم الظالم والمظلوم، ديانتهم أو مذاهبهم، لكن مصر تجمعهم.. مصر التي لا يريد لها الكثيرون أن يتعايش شعبها وطوائفها مع بعضهم البعض في عالم من الإختلاف الذي لا يذهب بحرية المعتقد ولا حرية الفكر.

رمضان بلا “رمضان القراءة”

رمضان القراءة

في الموسمين السابقين من شهر رمضان المعظم اعتدنا في مدونة قرأت لك أن نقيم مسابقة خاصة بالقراءة، أطلقنا عليها اسم “رمضان القراءة”. وربما أجمل ما فعلناه في الموسم الثاني للمسابقة أن اشتركنا في إقامتها مع بعض الأصدقاء من مدوني المغرب الشقيق، من مدونة أمة إقرأ تقرأ. وللحق كانت المسابقة متعبة بعض الشيء، بسبب غياب رؤية واضحة لها وغياب الدعم الذي يعتبر القلب النابض لأي مسابقة كانت. لكن رغم ذلك أقمناها مع إمكانياتنا البسيطة وما كنا نملكه من كتب وما تبرع لنا به البعض فكان هناك مشاركون كثر وفائزون وأرسل لنا البعض رسائل صادقة يعبرون فيها عن فرحتهم وهم يتلقون جوائزهم التي لم تكن سوى عبارة عن كتب، ولكنها بالنسبة لمن يهوى القراءة هي أفضل ما تكون من الجوائز.

لرمضان من هذه السنة، كانت في رأسي الكثير من الأفكار حول مسابقة أكبر،  مسابقة لا تقتصر فيها المشاركة على الجزائر أو الجزائر والمغرب كما حدث خلال النسختين الماضيتين، بل تعمم على جميع  الدول العربية. وكانت فكرتي في ذلك الإعتماد على متجر الكتروني خاص بالكتب ليختار منه الفائزون ما يريدونه من كتب خلافا للطريقة التقليدية التي تقتضي عرض عناوين على الفائزين قد لا يرغبون فيها أو قد يرغبون في غيرها من الكتب المعروضة التي يحصل عليها فائز آخر. لكن تحقيق ذلك لم يكن سوى بطريقة واحدة، وهو الحصول على دعم مالي كافي لشراء الكتب من متجر الكتروني يقوم بإرسالها إلى الفائزين لأي منطقة عربية. ولن أكون صادقا إذا قلت أنني اجتهدت في البحث عن ممولين، لم أفعل ذلك. بقي كل ما خططت له بشأن المسابقة حبرا على ورق، حتى أنني لم أستشر الأصدقاء ممن نظموا معي النسختين الماضيتين في الأمر.. تكاسلت عن ذلك.

الأمر الآخر الذي شغلني بعض الشيء عن ذلك هو عملي في مجال الصحافة، ورغم أني أشتغل كثيرا في الصحافة الثقافية وهو الأمر الذي من المفروض أن يقربني أكثر من هكذا مشاريع ثقافية على بساطتها، إلا أنه كان عكس ما توقعت، أحتاج إلى تفرغ أكبر مع ما يحتاجه الأمر من متابعة يومية.

أقول ما قلت لإحساسي بأني فرطت في هذه المسابقة الوليدة التي كنت أتمنى لها أن تتواصل وأن تكون تعبيرا بسيطا عن حبنا للكتاب والقراءة.. كما أتمنى من كل من شارك وتمنى أن يشارك معنا في هذا الموسم، أن ينتظرنا الموسم المقبل.. فقد يحصل بتوفيق من الله أن ننطلق انطلاقة جديدة.

كارل ماركس في زيارته للجزائر

تلقفت على الفايسبوك صورة للمفكر العالمي المشهور كارل ماركس بمدينة بسكرة شمال الصحراء، و استغربت لأنني لم أكن اعلم أن كارل ماركس زار الجزائر.. لذلك قمت بعمل تحقيق في حول تلك الزيارة ووجدت بعض المعلومات عنها من مصادر بالعربية و أخرى بالفرنسية، اعتمادا عل النت و بعض المجلات الثقافية. فكان هذا التحقيق مع تمنياتي أن ينال اعجابكم.

كارل ماركس في زيارته الى الجزائر (موقع جريدة المقام)

صورة لكارل ماركس بمدينة بسكرة

صورة لكارل ماركس بمدينة بسكرة

رحلة إلى الأغواط (الجزء الأخير)

إن لم تكن قد قرأت الأجزاء الأربعة السابقة عن رحلة الأغواط تجدها هنا

نمنا في الفندق، نمنا قرر العين ( هل هذا هو الجمع الصحيح لقرير، في، نام قرير العين). صباحا، لم أفق باكرا.. ربما حوالي التاسعة.. كنا نخطط لأن نرحل، و لكن يونس و حميد و قاسم و حسام وزبير فاجأونا بأن عرضوا علينا أن يأخذونا في جولة سياحية في المدينة. و لم نرفض طبعا، و كيف نرفض؟، كنت متحمسا لذلك، خصوصا و أنني منذ دخولي إلى الأغواط و أنا أسمع عما بها من مناطق جميلة، فقلت أنها فكرة رائعة ولو أننا تأخرنا يوما عن موعد رجوعنا إلى العاصمة فذلك لا بأس به إن كان في سبيل أن نستكشف النزر اليسير من الأغواط.

باب

باب بقوس يحمل زخرفة جميلة

بدأت جولتنا من فندق مرحبا، اتجهنا صوب باب قديم يطلق عليه باب الواد، يقع في الجهة الشمالية من مدينة الأغواط، كان في القديم بوابة دخول إليها. ومنه تقدمنا نحو سور مرتفع عن الأرض يقسم مدينة الأغواط لقسمين يشكل أحدهما القسم الحديث منها بينما يشكل الآخر القسم القديم. السور مرتفع عن الأرض ومنه يمكن رؤية كلا القسمين، بني السور في فترة ما من القرن الثامن عشر ليقي المدينة من هجمات الغزاة، و قد شكل فيما بعد جدارا فعالا ضد الغزو الفرنسي.

الباب القديم

تمشينا على طول السور و نحن نرقب من هنا وهناك مناظر جميلة للمدينة, يختلط لديك الإحساس ما بين الماضي و الحاضر.. تفاعلات نفسية على الرغم من كونها من غير ذي معنى موحد إلا أنها تشعرك بالراحة، ونحن نسير هنا و هناك نلتقط الصور وصلنا لما يشبه ضريح ولي صالح. و لم يكن ما وقفنا عليه بضريح و إنما كما قيل لي دار لها رمزية خاصة عند البعض تنتسب لإحدى الطرق الصوفية ، وجدنا عند عتبة تلك الدار اثنين أو ثلاثة من الرجال يتلون ما لم نسمعه  إن كان أدعية أم قرآن. تركناهم في روحانيتهم و أكملنا مسيرنا من على الحائط..

المكان الذي بدا لنا أنه ضريح لدى مرورنا به

مررنا بخرائب أثرية جميلة قبل أن نصل و نحن نبتعد عن السور قليلا نحو جهة المدينة الحديثة إلى حيٍ ذي شوارع ضيقة بعضها يتشكل في مدخله أقواس مبنية كتلك الموجودة بغرداية أو ببوسعادة. أما تلك الشوارع الضيقة فهي تشبه إلى حد ما  قصبة العاصمة.. لكن هنالك كانت قصبة بطابع صحراوي.. تأملٌ يحيلك على روحانية المكان و قداسته… تركنا بعضاً من ذاكرتنا هناك و انحدرنا في ممشى لغاية وصولنا لساحة عامة، ما يحيط بها من منازل دللّت بوضوح هندستها العمرانية على أنها من تصميم أنامل فرنسية. حميد، الصديق الذي كان يرافقنا أخبرني أن بداية أحد أفلام المخرج الكبير محمد الأخضر حمينا صورت بالمكان، و لم أعرف أيا منها هو ذلك الفيلم.

خرائب أثرية أعجبتني

خرائب أثرية أعجبتني

DSC01349 DSC01346

DSC01347

وصلنا أخيرا إلى مسجد عتيق كنت سمعت عنه الكثير بعد أن نزلنا ها هناك، يسمى المسجد الجامع الكبير، لكنه يعرف بمسجد الصفاح، و له قصة جميلة سمعتها من حسام، و أنا أستسمحكم أن أتركها لنفسي لأني نسيت بعض أجزائها و أخاف لو ذكرتها أن أغفل عن بعض جوانبها أو أزيد وهو ما لن أبتغيه لذلك المعلم الجميل و لا لنفسي. المهم أن الجامع يقع في ارتفاع عن ما عداه من المنازل و لا يرتفع عنه سوى قلعة مشوهة المنظر بناها الفرنسيون في أعلى تلة تقابله. بدا المسجد في حلة زاهية و نحن نستكشفه، هندسته العمرانية الإسلامية و صومعته التي تعلو في السماء بطولها و تعلو و تعلو كلما نطق المؤذن الله أكبر للصلاة.. هناك بجنبه كذلك جامع صغير بدا لي أنه مبني بالجير اسمه الجامع العتيق و هو من أقدم مساجد الأغواط، جامع يحمل و أخوه الذي بجنبه خيرا لا شك يعم المدينة بأكملها.

مسجد الصفاح

مسجد الصفاح

جانب من مسجد الصفاح

جانب من مسجد الصفاح

الجامع الذي يقابل جامع الصفاح

الجامع الذي يقابل جامع الصفاح

ثم تلك القلعة الفرنسية التي سبق و ذكرتها، و لم أجد أنها تحمل مميزات عدا عن كونها بنيت على ارتفاع فوق المدينة و في غالب الظن بنيت هناك لتكون مركز مراقبة، حاولنا دخولها مع اصرار يونس على فعل ذلك، لكننا لم نفلح سوى في الدخول إلى محيطها و مراقبة الأغواط من فوق.

القلعة التي تحتل جزءا من هضبة كبيرة تفصل ما بين جزئي مدينة الأغواط

القلعة التي تحتل جزءا من هضبة كبيرة تفصل ما بين جزئي مدينة الأغواط

السور لا ينتهي إلى في مكان بعيد، و نحن نصل إلى الطريق الذي يفرق ما بين جهتي المدينة القديم و الحديث توقفنا و التقطنا بعض الصور، أخبرني حسام عن بعض العادات التي لازال البعض من سكان الجهة القديمة يحافظون عليها، ومن بين تلك العادات عادة تسمى الضواقة أو الذواقة كنت تكلمت عنها هنا.

عدنا إلى وسط المدينة و فيما كان يبدو أن الجولة انتهت تفاجأنا بأنها بدأت للتو!. كان علينا أن نأخذ معنا تذكارات من الأغواط، لذلك ارتأى الإخوة أن نزور المحلات التي تبيع الهدايا التذكارية و جميل أنّا فعلنا، لأنه مع فعلنا ذاك اكتشفت شيئا جميلا ربما قد تكتشفونه معي إن لم تكونوا قد زرتم الأغواط سابقا، و هو أنه من هذه المدينة ظهر ما يعرف بفن الرسم بالرمل و الذي انتشر إلى خارج الحدود. زرنا محلا تصادف أن صاحبه أحد الذين يتقنون هذا الفن، بعد أن عرف أننا من السياح أو شيء من هذا القبيل أدخلنا ورشته الخاصة التي يقوم فيها بعمل لوحات فنية جميلة و الرسم على تشكيلات مختلفة من الأواني الزجاجية و غيرها. حصلت منه على تذكار خاص و هو عبارة عن حاملة أقلام توضع على المكاتب (لا أعرف أن لي مكتبا!) لكن التحفة أعجبتني بما تحمله من رسوم لجمال. كذلك فعل الأصدقاء الذين حصل كلٌ منهم على تذكاره الخاصة.. و من هنا، من ذلك المحل عرفنا أن هناك معرضا فنيا خاصا بفن الرسم بالرمل بإحدى المراكز التي تهتم بالتراث و الصناعات التقليدية، فما كان علينا إلا أن قررنا زيارته.

DSC01383

هذا الفنان نسيت اسمه، ربما كان عبد الباسط أو عبد الصابر

DSC01391

ولجنا المعرض الذي كان يقام في مبنى بثلاث طوابق، و في كل طابق صالتان أو ثلاث مخصصتان لفنان أو اثنين يعرض فيهما أعماله، و لن تصدقوا الإبداع الذي وقفنا عليه في أعمال هؤلاء الفنانين، لوحات فنية رسمت بالرمل.. و الرمل فقط. تبعثرنا هنا و هناك في كل الطوابق، ما أحزنني أنني لم أستطع أن أشتر أي لوحة بسبب ماكان أصاب جيبي من شلل، في البدء كنا نتعرف على هذا الفنان و ذاك، قبل أن ينتبه أحد من يديرون المكان لوجودنا، حيث أنّا دخلنا كالنحل لذلك المكان الذي كان شبه فارغ إلا من بعض المُنضمين، عندها قام باخبار مسؤوله الذي جمعنا ليعرفنا على ما تبقى من المعرض قبل أن يأتي مدير المركز الذي رحب بنا و كل من كانوا هناك ترحابا يدلل على كرم الأغواطيين، التقطنا صورا جماعية و خرجنا من هناك بابتسامة عريضة تأمل العودة يوما.

فنان لقيناه بالمعرض يحدثنا عن إحدى لوحاته الفنية

فنان لقيناه بالمعرض يحدثنا عن إحدى لوحاته الفنية

بعد جولتنا تلك عدنا إلى الفندق، و من هناك بقينا بعض الوقت قبل أن نحمل متاعنا و نتجه للمكان الذي حططنا به أقدامنا لأول مرة نزلنا هناك . كانت عقارب الساعة تشير إلى الرابعة مساءا، المحطة كانت مليئة بالمسافرين، تساءلت في داخلي إن كانوا يحملون نفس الشعور.. هل أسرتهم الأغواط يا ترى؟. لمسات من الحزن طبعتنا ونحن ننسحب بحب من هناك، كان في وداعنا قاسم و زبير.. التممنا في الحافلة مودعين الأغواط و أهلها الذين لايكفون عن الابتسام، الذين أغدقوا علينا بالكرم و المحبة، آملين في حجة أخرى لذلك المكان المقدس يوما من الأيام.

المزيد من الصور عن رحلة الأغواط على موقع فليكر.

على الهامش: سأجمع مذكراتي التي كتبتها عن رحلتي إلى الأغواط في كتيب صغير أنشره على النت و أضعه هنا للتحميل لمن يود قراءته و ذلك حتى يسهل الإطلاع عليه.

تلفزيون الصناعات التقليدية !

في الوقت الذي تعرض فيه التلفزيونات التي تحترم عقول مشاهديها ( تحترمهم بالطريقة التي تراهم فيها بشرا مجبولون على التطور لا على التأخر)  تقارير عن التكنولوجيات الحديثة و المتطورة و تدعو إلى الاستثمار فيها من أجل تسهيل الحياة، يقوم التلفزيون الجزائري بعرض تقارير عن الصناعات التقليدية و الحِرف التي كانت تحترفها جدتي قبل 50 سنة من الآن في كل نشراته الإخبارية و كأننا بتلك الحرف و الصناعات “التقليدية” سنتطور و سنبلغ المجد!، لا بل و سنقيم الأعمال و نطور الإقتصاد و نوجد مناصب شغل.. حتى أن تلك الأشغال (و ليس الموضوع موضوع تهجمي عليها) لا تكاد تغري سائحا واحدا بشرائها أو حتى بالتقاط صورة معها (هذا إذا كان لدينا سياح أصلا !) و هو الشيء الوحيد الذي ربما قد تصلح له..

عندما فاز فريق جزائري العام الماضي بالمرتبة الثالثة في كأس الإبداع العالمية التي تنظمها شركة مايكروسوفت و ما أدراك ما مايكروسوفت  و قد كان الفريق الوحيد من الشرق الأوسط و شمال إفريقيا الذي وصل إلى تلك المرتبة المتقدمة،  لم نرى له ظهورا لا على نشرة الأخبار و لا على نشرة الدّوار، على الرغم من أن إنجاز ذلك الفريق الشاب يعتبر مكسبا كبيرا للوطن الذي رُفع علمه و نُطق اسمه في احدى أكبر المحافل الدولية للإبداع العالمي و التي ربما غالبية الذين يحضرونها لا يعروفون أصلا أين تقع هذه “الجزائر” !. . بينما في الجهة الأخرى في غرفة في قرية ما (مع احترامي الكامل و ليس الموضوع بشخصي) يمتهن فيها شاب حرفة تقليدية يصل إلى مسامعنا صوت مذيعة الأخبار التي تشيد بالقول بأن ذلك الشاب مثال الشاب الجزائري الذي يحافظ على أصالته و تراث أجداده و يمنح له تقرير خاص يعقبه تصريح من وزير السياحة يقول فيه أن الدولة (مع تريث واضح كي ترتكز الكلمة في ذهن المشاهد) تقوم بدعم هذه الجهود الرامية الى حفظ تراثنا و ذاكرتنا و العمل على دعم الشباب من أجل الإستثمار فيها.

أنا مللت و أنتم؟