لم يخطر على بالي أن أكتب شيئا في السياسة، على الأقل في هذا الوقت بالضبط الذي أشعر فيه ألا ناقة لي ولا جمل في ما يمكن أن يحدث من تطورات سياسية في البلد، لأن السياسة لمتعد تثير حماسي حتى لأتناولها بالحديث مع أحدهم.
المهم كان ذلك قبل يومين، كنت قد قررت النزول لوسط العاصمة بعد العمل وبالضبط على الساعة الثالثة بعد الزوال لسماع ما يمكن أن يقوله رشيد نكاز المرشح السابق للرئاسيات الذي خرج من التنافس على كرسي الرئاسة بطريقة أقل ما يقال عنها أنها غريبة. وصلت هناك حوالي الساعة الثانية والنصف، الجو كان ربيعيا مشمسا ومواتيا جدا لإقامة لقاء شعبي، وقد كان كذلك شعبيا وليس صحفيا. لم أحضر اللقاء لتغطيته كصحفي، كنت أريد فقط أن أسمع مِن هذا المرشح الذي كسب له تأييدا شبابيا على النت، وفي البريد المركزي أيضا ذلك اليوم من خلال المئات من الشباب الذي حضروا لقاءه. كانت رؤية أعداد الشباب الكبيرة بمحيط البريد المركزي وهم يتناقشون في الوضع السياسي للبلد تحيلك إلى صورة زاهية على الديموقراطية في البلد.. فقط لو لم أكن جزء من هذا المجتمع لطبعت ابتسامة زاهية الألوان على وجهي سعادة بذلك. لكن الأمر لا يسير على هذا النحو، إذ كان أن التف المئات من الشباب على مرشحهم “المفترض” نكاز ما إن بدأ من بعيد يتقدم وسط الشارع الرئيسي وما حدث أن يصل إلى البريد المركزي حتى كان أن اختنق المسكين من الفوضى التي عمت المكان، لم يحسب لذلك حسابا لربما، أو أن نكاز أراد أن يكون الأمر على هذا الشكل، ربما لأنه فرنسي التنشئة والتربية أكثر منه جزائري اعتقد أن أنصاره سيصطفون مثلما يصطف المصلون في الصلاة متقدما إياهم ليؤمهم بخطاب، الدور الأعنف في كل “الفوضى التي حصلت بالمكان كان للصحفيين، أولئك الذين من المفترض أن اللقاء خصص لهم، كان عليهم أن يقاتلوا من أجل أن يوصلو ميكروفوناتهم ومسجلاتهم إلى أقرب نقطة من فم نكاز. وأنا بعد مضي وقت كنت من بينهم!!. لم يكن هناك ميكروفون ليتحدث به نكاز إلى أنصاره، المئات منهم لم يسمعوا شيئا مما قاله، ومما قاله لم يقل أبدا ما جاء ، أو ما حسب الكثيرون أنه سيقوله بخصوص سرقة السيارة التي تحمل استمارات توقيعه. هل كان من غبائه أن يجتمع بأنصاره من دون وجود مكبر صوت!!. صوته لم يكن يصل وسط الفوضى إلى مترين أو ثلاث، بينما عشرات الأمتار الأخرى مساحة يحتلها عشرات الشباب لا يسمع وسطها سوى أهازيج متفرقة بعضها لا يكاد يكون لها أدنى ارتباط بنكاز أو الرئاسيات أصلا.
المهم.. بعد دقائق من صبري على بكمه قدرت أنه علي أن أناضل من أجل الوصول إليه لأطرح عليه بعض الاسئلة، وفعلا فعلت ذلك.. جاهدت للوصول إليه وسط الفوضى العارمة، وعلى مقربة منه شاهدت الرجل المسكين كيف تكوم بين مجموعة من الشباب وكأنه فعلا رئيس للجمهورية. هو بنفسه قال ذلك “يا شباب خلوني نهدر، غدوا لوكان نكون رئيسكم تاني ماتخلونيش نهدر”. لا عجب أن عنوان تغطية الشروق اليومي على الحدث جاء “نكاز.. رئيسا في البريد المركزي”.
وفقت في الوصول إلى نكاز، وتسجيل خطابه وكانت لي فرصة أن ساأته سؤالين اثنين أهمها كان رأيه في الحل المنطقي الذي سيلجأ إليه المجلس الدستوري في قضيته، لم يقل شيئا سوى أنه يثق في أنه سيجد حلا سياسيا، مؤكدا على “الحل السياسي”!! ولم افهم ولا أحد فهم أو سيفهم ذلك الحل السياسي.
بعد هذا انسحبت من هناك، وقد التقطت له عديد الصور والفيديوهات، كان الأمر تمام كما توقعت له أن يكون حول التجمع والأهم حول نكاز الرئيس المحتمل للجزائر، الرجل لم يكن سياسيا لا من خلال خطابه ولا من خلال تصرفاته كذلك. قد يتساءل أحدكم إن كان هناك أصلا سياسيون في الجزائر؟؟!!. وما قد لا يوافقني عليه الكثيرون، أن غالبية من حضر وقفة/ندوة نكاز لم يكونوا فعلا من أنصاره الذين يعول عليهم في أن الذهاب معه بعيدا في مشواره السياسي في الرئاسيات أو غيرها، لا أحد قد يفهم الشباب الجزائري، إنهم كاريزما خاصة من التناقضات، لهم من التصرفات والأفكار ما قد يعصف بأي دراسات نفسية واجتماعية سبق وأن أجريت. متأكد أن غالبية من حضر لم يكن ليصوت على نكاز لو ترشح، هذا لو أنهم انتخبوا أصلا!!. قد يقول قائل، لم وكيف؟. لا أعرف بالضبط من أين ينبع حكمي.. لكن ما نراه في الجو السياسي العام في البلد يؤكد ذلك.. ثم نكاز.. إن لم تكن تدري.. الكل يجعلك رئيسا بالفم فقط وعلى الفايسبوك.
فعلا لقاء نكاز كان ينقصه بعض البديهيات مثل المايكروفون..لم تتطرق الى عدم تعرض الشرطة له ولا للحاضرين على غير المتوقع..الكثير من الحاضرين كانوا من الفضوليين..و قسم معتبر من الصحافيين..ناهيك عن الشرطه بلباسها الرسمي و المدني..و مابقي من القليلين القلة هم انصاره الفعليين..استغربت من ان شباب الجزائر ما بين سن 18 و 25 فعلا يهتمون و يتجمهرون لمترشح رئاسي..لم تخدث من قبل و لا اظنها كانت ستحدث لولا حاذثة سرقة استمارات نكاز و تعاطف الناس معه..احببت المقال..تليق بك السياسة كما يليق بك الادب
مرحبا بك، فعلا حدثت امور كثير في قلاء نكاز لم اتطرق الا القليل منها او ماهمني على الاقل، بالنسبة للشرطة نسيت ان اسأله ان كان حصل على ترخيص بتجمعه ذاك ام لا، كونه حدث في مكان عام يخالف القانون الذي ينص على منع التجمعات في العاصمة!!
نحن للأسفلا الشديد لا نملك سياسيين فهم إما خبراء في السرقة و النهب و السلب كأمثال أولائك الخالدون على الكراسي متداولين عليها من وقت لوقت عندما تؤلمهم وضعية الجلوس ..أو المبتدؤون أمثال نكاز و غيره من فعلا أحسهم سذج و خذج لأنهم يوهمون أنفسهم بامكانية ممارسة السياسة و العمل الديمقراطي في بلد لم يعد معدا إلا للنهب من حكامنا الخالدين