الملل يسري في الجو.. يكره الإنتظار. و ما يكرهه أكثر.. أنه لا يعرف بالضبط ما الذي ينتظره.. ينتظر أن ينتهي شيء ما ليبدأ الآخر.. هكذا اختزل سويعاته تلك التي يقضيها في المقهى. يتوقف أمامه حيث لا تتجاوز خطواته عتبة القرية التي ولد فيها، و يعيش.
منذ أيام بدأ يزعجه ذلك التلفاز الذي وضعوه هناك في زاوية عالية حيث تبحلقت فيه كل العيون و صمتت كل الأفواه، لم يعد هناك من ضجيج.. كم كان يحب تلك القذارة التي تنطلق من الأجساد المتبعثرة في ساحة المقهى. لكن لم تعد هناك قذارة.. المذيعة الجميلة بالبلوزة الحمراء جذبت كل الأعين.. نظر إليهم مشفقا:
و كأنهم يفهمون في السياسية؟ منذ متى كان العالم يعنيهم؟؟.
في اليوم التالي تباطئت خطواته إلى المقهى.. الضجيج وحده من كان يخفف عليه رتابة أن يكون. لم يعد هناك من ضجيج!.
تابع عدم إكتراثه لذلك المخلوق الغريب الذي حل فجأة محل ما كان ينتظره..
في إحدى الليالي التي شاهد فيها كابوسا مرعبا حلق ذقنه، حمل عكازه و مضى.. منذ تلك الليلة لم يره أحد. و لا أحد فهم أين اختفى فجأة، تْلَع.. تعليق صغير حشا المقهى بسبب ذلك الصندوق الموضوع في إحدى زواياه.. كم هم كثر أولئك البشر الذين يسكنون داخله!.
تْلع: تعني باللهجة الجزائرية اختفى فجأة