كان من المفروض أن أطرح هذا الموضوع من أربعة أيام، لكن ظروف حالت دون ذلك.
كنت قد دعيت من قبل جمعية شباب الأغواط لإلقاء مداخلة حول التدوين في ملتقى وطني أقيم بجامعة عمار ثليجي بنفس المدينة بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية و الذي أعتمد في الثامن عشر من ديسمبر من كل سنة. و لم أكن قبل هذه المرة قد زرت الأغواط ولا ولاية أخرى من ولايات الجنوب. و قد وجدت أنها فرصة لا تعوض للتعرف على هذه المدينة التي لم أكن أعرف عنها سوى أنها تحمل الرقم 3 في الترقيم الإداري و أن أهلها ينطقون الغين قافا فيقولون عن الأغواط .. الأقواط.
لكن الذي اكتشفته هناك أثناء رحلتي أكبر من حروف اللغة كلها، فحتى الكلمات التي تحتويها اللغة التي تم الإحتفاء بها لا تكفي أن تعبر عن أهل الأغواط.. أجمل ما فيها أهلها. هل كان قصدا أن يتم الإحتفاء باللغة في مدينة تعجز اللغة عن التعبير عنها.. ربما كان علي أن أطرح هذا السؤال على رياض كاف. رياض أحد أنشط شباب الأغواط و أول الوجوه التي تعرفت عليها هناك.
الرحلة انطلقت من العاصمة، وقبلها كنت قد تلقيت دعوة المشاركة في الملتقى من قبل أحد الأصدقاء الذين كنت أعرفهم من بعيد، زبير. زبير كذلك من الأغواط.. زبير لوحده يحتاج موضوعا كاملا للحديث عنه، كما هو كل شاب التقيته هناك في الأغواط. كنت قد قلت لأحدهم أنني لا أستطيع أن أكتب عنكم أهل الأغواط لأن الكتابة في حد ذاتها عاجزة عن التعبير عنكم.. قد أكون محقا، لأن ما أحاول كتابته ليس في روعة ما أحسست به تجاه الأغواط و أهلها و تاريخها. قلت أن الرحلة انطلقت من العاصمة، و قد رافقت مجموعة من المبدعين الشباب الذين تعرفت عليهم لأول مرة، مجموعة مطوري جوجل في الجزائر و اختصارا بالحروف اللاتينية GDG. هناك في محطة خروبة على السادسة و النصف صباحا و جدتهم مجتمعين .. أسماء، مهدي، قاسم، وليد،حليم، فتحي،و زبير الذي كان قد جمعنا للتوجه صوب الجنوب على مسافة 400 كلم.
الرحلة كانت طويلة، لكنها لم تكن شاقة، استمتعت بمشاهدة مدن و قرى على طريق لم يسبق لي و أن خضته من قبل و مناطق لطالما أردت زيارتها مثل المدية التي تبعد عن العاصمة حوالي 88 كيلومتر نحو الجنوب، في المدية حدثت حادثة تبحرين المشهورة، و التي قتل فيها سبعة من الرهبان الفرنسيين في دير من طرف القوات الإرهابية في أحد أيام عام 1996، الحادثة التي لا يزال صداها يرن لحد اليوم. و كذلك مدينة البرواقية، التي يوجد بها أحد أكبر السجون في الجزائر وتشتهر به، في البرواقية لي صديق هو عبد الحفيظ، عبد الحفيظ مدون كنت التقيته قبل فترة في العاصمة لدى مرورنا بإذاعة الجزائر الدولية. و مدينة قصر البخاري التي لا تبعد كثيرا عن البرواقية و كلتاهما تنتميان إقليميا لولاية المدية. و كلتاهما كذلك مجسدتان في كتاب للخير شوار، الكاتب الجزائري و الذي عنوانه الجزائر ايرث، و من الصدف أني التقيت بالخير شوار في فضاء صدى الأقلام بالمسرح الوطني قبل يومين لتقديم كتاب جديد له و أخبرته عن زيارتي للمدن التي كتب عنها في مؤلفه ذاك و قد كان شعورا غريبا أحس به و أنا أدخل مدينة سبق و أن أحسستها من خلال ذات أخرى هي ذات الكاتب التي زارها.
مررنا في طريقنا بمنطقة بوغزول وهي المنطقة التي تم اختيارها لتكون عاصمة مستقبلية للجزائر، لم أكن قد زرت بوغزول قبلا و قد كانت رؤيتها عن قرب فرصة للتعرف على هذه المنطقة التي من المحتمل أن تكون إحدى أكثر المناطق حركية في الجزائر. بوغزول منطقة مسطحة وواسعة، تبدو صحراوية البنية وهي تنتمي إقليميا لولاية المدية و تبعد عن العاصمة حوالي 160 كيلومتر، الغريب أنني لم أرى في بوغزول ما يدل على أنها ستكون عاصمة مستقبلية للجزائر. منطقة ساكنة لايوجد بها سوى لافتة توضح مخططا للمدينة العصرية. تساءلت كم من الوقت سيكفي ليأخذ ذلك المخطط حقه في الواقع؟.
مررنا على عين وسارة بولاية الجلفة، في عين وسارة تذكرت الصديق منير سعدي.
بعد حوالي أربع ساعات من السفر في الحافلة توقفنا في إحدى المحطات قرب الطريق الوطني رقم واحد للاستراحة، كانت فترة قصيرة قبل أن ننطلق مجددا نحو وجهتنا. لم تخلو رحلتنا من المتعة، في حقيقة الأمر كان الأصدقاء الذين تعرفت عليهم طيبون، في البداية لم يكن لي انسجام سوى مع زبير لكن بعد ذلك استطعت التواصل مع بقية أفراد الرحلة. قبل أن نصل إلى وجهتنا حيث كان ينتظرنا الكثير.
على الهامش: هناك الكثير من الصور التي أردت أن أرفقها بالموضوع، لكن للأسف الشديد لم أستطع تحميلها بسبب الإتصال الكارثي بالنت.
و الله نحن الذين سعدنا بلقائكم و صحبتكم و كان شرف لنا قدومكم… فأهلا و سهلا بك أخي الفاضل قادة الزاوي في كل وقت و حين فالدار دارك
شكرا دكتور قادة، شرفتمونا بحضوركم، و أسعدتمونا بلقاءكم
للاغواط كتب كثيرة تتكلم فيها عن اللغة واهميتها ويكفي انه كان في ولاية الاغواط يقام اكبر تجمع لجمعية العلاماء المسلمين ويعلم الجميع مدى دور الجمعية انذاك اذا لا استغرب ان تحتضن ولاية الاغواط هذه التظاهرة لانها مدينة اللغة
والله كنا نحن اسعد بزيارتكم هي الاولى ولن تكون الاخيرة أخي قادة الزاوي ان شاء الله,,
انت الذي تطايرتك الاحداق وسعدا بك الرفاق .ملكت القلوب بتبشاشت وتركت فينا شتيا ق
خنشة بلقاسم
شكرا على زيارتك لمدينة الاغواط دكتور قادة
أعزائي، كما أنتم كريمون في الواقع، كريمون كذلك في العالم الإفتراضي.. تحياتي لكم، أعدكم بزيارة أخرى للأغواط. فالذي يزور تلك البلاد لابد و أن يعود لها يوما :).
التنبيهات: رحلة إلى الأغواط (2) | خَرْبشة
التنبيهات: رحلة إلى الأغواط (3) | خَرْبشة