عندمت هاتفته كانت الساعة تشير الى الثانية عشرة و النصف بعد منتصف الليل. كان عائدا الى ارض الوطن بعد تغلغله في الاراضي المغربية راكبا على حمار بني و يسوق ثلاثة اخرى امامه. مهمته التي سماها ب ” المريقلة” كانت ايصال ازيد من 24 عبوة مازوت الى احد تجار المغاربة الذي بدوره يبيعها لاخرين وهكذا. 24 عبوة اي ما يعادل ازيد من 480 لترا من المازوت يهربها على متن اربعة حمير, بعد اذان الافطار ياخذ طريقه الى وجهته التي يسترزق منها.
سعر لتر واحد من المازوت في الجزائر حوالي 13 دينار اي اقل من 0.2 دولار على عكس سعره في المغرب حيث يتراوحه باضعاف, البعض وجد في هذا الفارق المذهل للاسعار بين البلدين تجارة رائجة للكسب, كل ماعليه فعله هو الحصول على بعض الحمير و بعض العبوات لينقل من خلالها المازوت, صديقي قال ان الحمير هنا محترمة اكثر من الانسان.
مئات الحمير تمر من خلال الحدود, يعني الاف العبوات يعني عشرات الالاف من اللترات من المازوت تهرب الى المغرب ولا احد يتسائل. صديقي يتكلم فيقول ان هذه التجارة هنا عادية و الكل يمارسها, لما سالته عن حرس الحدود قال انهم لايظهرون الا في النهار و ان حدث و ان ظهروا في الليل فهم يقبضون 400 دينار على الحمار الواحد!! يا حبيبي يعني حرس الحدود يحرسون الحمير مقابل المال. اين حماية الحدود اذن؟.
صديقي فتحي طالب جامعي في سنته الثالثة … بعد أن انهى عامه الدراسي توجه الى مغنية وهي منطقة حدودية مع المغرب للعمل في الاراضي الفلاحية,الاسعار هناك لم تكن مناسبة فعرض عليه احدهم العمل في التهريب لم يجد بدا من ذلك خصوصا وانه الذي يعيل نفسه, قريته التي تنطق بالفقر, العيد الذي اتى محملا بالمصاريف, الدخول الجامعي جعله يوافق بلا تردد هذا ماقاله.. لم أشا ان اذكره بالقانون او أن هذا العمل مضر باقتصاد البلد او الحرام او غير ذلك, لطالما كنا نتناقش لساعات حول القيم و الدين و و و, لم يكن في حاجة ان يخبره احد ما ان ذلك خظأ , اظنه نسى كل شيئ كما انا قد انسى او اي شخص اخر قد ينسى. . عدنا بلا قيم. ما قيمة الارض التي تُأكلنا التراب؟ .لكنني رغم ذلك وجهت له السؤال فما كان عليه سوى القول اليس احسن من السرقة؟ . لست في مزاج جيد حتى ادخل في مناقشة اخلاقية مع احدهم.. كان يبدوا لي ما يعمله عاديا, عاديا جدا. لم ارد ابدا ان اكون ذلك الضمير الاخلاقي الذي ينطق بالقيم و المبادئ… دعونا من كل شيئ. الناس تتاجر في المازوت و البنزين و الملابس و كل شيئ.. اصبح ذلك على مرائ حرس الحدود. فما نحن من اولئك. طبعا انا اؤمن بان ذلك خطأ. تهريب المازوت خطأ ولكن؟؟؟؟ هل علينا ان نعيش في ابراج مشيدة من الاخلاقيات والقيم؟ لا احد يستطيع ان يفعل ذلك ولو كان اي شخص منا مكان فتحي لفعل الشيئ نفسه. فتحي كان يقوم مقام الناصح لي عندما تنتابني ازمة اللاوجود و اللاايمان لكن ذلك الناصح الان يخترق الحدود ليوصل المازوت الى المغاربة!!! .. اليس ذلك نفاقا , انه بلا شك منافق كبير وانا قد اكون كذلك و اي شخص يمكنه ان يكون كذلك؟ نحن نكذب ببساطة على كل شيئ وننافق وندعي و عند الحقيقة ننكشف . مثلما يحدث مع فتحي تماما.
منافق ….غير منافق ، من يدري؟
فعلا اي شخص يمكنه ان يكون منافقا،هذا اذا عرفنا واجدنا تحديد مفهوم النفاق اساسا،لا اخفيك سرا ان كنت تعاني ازمة اللاوجود و اللاايمان ،فانا اعاني ازمة تحديد المفاهيم،وخاصة “النفاق”،ثم هل من حقنا اصلا ان نحكم على فلان او علان منافق لمجرد قيامه بفعل معين قد يكون ظاهره نفاقا ، لكن من يدري حقيقة ما يدور في ذهن هذا الانسان ، لا اتحدث عن صديقك كحالة بحد ذاتها،لكن كثيرون قد يقومون باشياء لا نفسرها الا بالنفاق ، ولو اطلعنا على مافي قلوبهم لغيرنا وجهة نظرنا 180 درجة والله اعلم.
لا تظن في صديقك سوءا , فلا الحال جيد لكي يكون صاحب روح وطنية عالية ولا البلاد بخير حال.
أنا أعتبر عمله بسيطا مقارنة بأصحاب الكروش الكبيرة فرغم أن صديقه مهرب مازوت إلا أنه لم يهرب المخدرات حتى تحكم عليه بالنفاق , لقد إختار أقل شيء مضر بالبلاد وإقتصادها.
وربي يصلح حوالنا.
لا مبدأ يبقى لنا من اجل العيش
ايمان: اظن ان النافق واضح .. ما على اللسان يخالف ما في القلب, صديقي كان دائم النصح ومن اين ياتي بالنصح ؟ اكيد من قيم يعتنقها بقلبه هي قيم اسلامية , لكن اليوم هو يخالف تلك النصائح و القيم , اليس هو منافق وانا واي شخص اخر كذلك. ثم خذي معي ان كان ما في قلوبنا كما تقولين لا ينعكس على افعالنا فهل هذا يغفر للشخص زلته؟؟؟
سعد: انا لا احكم عليه باي شيئ. الانسان حر في ما يفعله, لكن الظن ان قطعه اليقين لا يبقى ظنا تماما في منثل هذه الحالة.
هيبو: صحيح ان العيش يحتم علينا ان نكد من اجله ولكن ان كان العيش يحتم علينا ان نخالف القيم و المبادئ فلماذا نعيش وما هو الهدف من العيش؟؟؟ كيف نفسر ذلك؟
برايي النفاق اكثر شيء غموضا، حاول فقط ان تراجع نفسك، وعد المواقف التي قد يحكم عليك الاخرون فيها بالنفاق، ثم انظر الى دوافعك وظروفك المحيطة التي قد لا يدركها الاخرون ، لا اقصد ان تبرر لنفسك،لكن اقصد ان داخل كل واحد منا ضمير قابع في مكان ما، قد يقوم صديقك بهذا العمل،وقد تراه منافقا لانه يفعل غير ما يقول، لكن وارد جدا انه يموت الف مرة لان ضميره يؤنبه ضعفين ، لانه يقوم بما هو مكره عليه وفوق هذا يتظاهر بانه غير مهتم.
ربما هو حاجة لمن يوقظه ، وحتى ان اخطا هذا وارد فالبشر خطاؤون —لا ادري وصلتك فكرتي بشكل واضح ام لا؟
سأقفز مباشرة إلى عبارة “أليست أحسن من السرقة؟” أوليست هذه سرقة؟! ألسيت سرقة من البلد، والبلد هو ملك لأبناء البلد، وأموال البلد تأتي من جيوب أبناء البلد.. ونعم الحال ليست بخير، هو لم يلجأ إلى بيع أو تهريب المخدرات، ولا يقارن بأصحاب الكروش الكبيرة. لكن إذا كان هذا عذرا له فسيكون كل شخص يقع في ضائقة يلجأ إلى التهريب، صديقك وصديقه وصديقي ألن يصبحا أكثر من أصحاب الكروش الكبيرة؟.. وهم كلهم مجتمعين لن يبقى شيء ليهرب.. ثم أنه ابتعد عن السرقة والمخدرات، فسرق من الناس جميعا وأصبح راشي…
ثم، تقول أنه منافق، ربما وربما ليس منافقا بل فقد إيمانه وفقد قيمه، لربما علقت في الحدود أو داسها حمار !
في أحيان كثيرة ، الغاية تبرر الوسيلة
والله وحده يعلم الكم الكبير من الناس الذين يسترزقون ، عبر تهريب البضائع بين المغرب والجزائر
الكل بداخله منافق فلا غرابة في فتحي يا قادة
الغاية تبرر الوسيلة
ايمان: ربما معك حق. لكن ما فائدة الضمير هنا. هو الان مغلوب ولا يمكننا باي حال من الاحوال ان نعلي شانه. من جهة اخرى صديقي كان يفعل ذلك بطيب خاطر. لما هاتفه كان يقهقه..
سيفو: كلام حق. هذه قد تكون سرقة اكبر.
سناء: الحق ان الغاية الفاضلة تبرر الوسيلة اما اذا اكنت الغاية سيئة فاظن ان لاشيئ سيبررها.
فؤاد: نفس التعليق على سناء
شجون: ربما نحن كذلك.